امير الخطيب
حين يعاني الانسان في صغره، يتعذب و لا احد يستطيع مساعدته و في ابسط الاشياء، لان احساسه لم يتجلد بعد و ان قلبه ينضح حبا للحياة، فحتى حين يقول احدهم مثلا عنه غبي او معتوه او غير نافع للعمل او فاشل او اي شيء، تكبر هذه الامور في داخله تترعرع كما السرطان في احشاء الجسد، تنمو دون احساس بها، و تصبح ذو حدين، اما ان تخلق عبقريا او تخلق فعلا انسانا فاشلا، و اعني بهذا، بهيمه يعيش و لا يدري لماذا يعيش.
هذه الحاله كثيرا ما تخلق النوع الثاني من البشر، و قليلا جدا ما تنتج العبقريه، و حسبنا امثلة كثيره في تاريخ العبقريات البشرية، و ليس المكان المناسب لذكرها و تعدادها، لكن و كثيرا ما تبقى تلك الجروح النفسية و الالام طوال حياة الفرد، حتى ولو بلغ العبقرية حقا.
يفخر الناس بانتاج العبقري، و يحصل كل الود و الحب من الاخرين لانه انتج شيء نادر او استثنائي بحياة البشريه و للتأريخ، فيصفق له كل الناس، ينظرون له باعجاب اينما يذهب،.
لكن المقربين منه يرون انه شخص انطوائي، لا يحب الاخرين و لا يكترث بما يقولون او يفعلون، و هذا لعمري شيء طبيعي، فالعبقرية من وجهة نظري، مشروع قائم بذاته.
اعكف حاليا على قرأة سيرة حياة واحد من هولاء العباقره، دوستويوفسكي، هذا الذي لم يعش طويلا و الذي اثرى حياة البشريه برواياته و قصصه التي لم يصل لحد الان اي كاتب بتحليل النفس البشريه الذي وصله هذا العبقري الذي اثر فيما بعد بعلماء و ادباء و فنانين سينمائيين كثيرين، فبلوغه حد الكمال في تحليل النفس عبر الروي، ام بان من فراغ انما جاء من معاناة كبيره منذ طفولته، فقد عاش طفولة مشردا بين المدن و الناس، و تركت تلك الايام اثارها عليه، لكنها صنعت منه عبقريا.
و اذ اراجع نفسي، في اساليب التربيه هذه الايام، حيث يعيش الطفل مدلل يملك كل شيء و يحاول الابوين ارضاءه بكل السبل، لكنه في نهاية المطاف يلجأ الى ان ينطوي في غرفته مع تلفونه و مع العابه و حياته الافتراضية.
نعم فقد عاش دوستوفيسكي بفخر جريج