كتب المحرر السياسي
ليس حريق الحمدانية هو الحادث الوحيد الذي غاب فيه القانون وظهر فيه الاهمال، ربما يكون الحادثالاكثر وضوحاً ،نظراً لعدد الضحايا وشكل المناسبة ، ونوعية الحضور .
اغلب المشاريع في العراق ، تؤسس دون ضوابط او شروط ، مع غياب تمام لقواعد السلامة والامان.
ولعل احد اهم عوامل المأساة في هذا البلد هو الفساد الاداري وانتشار الرشوة.
فكم من حادث حريق التهم الاخضر واليابس ، واضر بالاقتصاد الوطني في بغداد وكربلاء والنجفوالديوانية والبصرة. والناصريةِ وغيرها ، كان سببه عدم الالتزام بقواعد السلامة، واهمال اصحاب المشاريع ،ما داموا يستطيعون تمشية الامور ببضع الاف من الدنانير لموظفي البلدية .
كثير من المحللين ومن المواطنين القوا اللوم على الحكومة ، كونها لم تفرض القانون بشكل صارم ولم تعاقبالمقصرين ، فحادثة العبارة ليست بالتاريخ البعيد الذي راح ضحيتها العشرات من المواطنين اطفال ونساء ،وان يكن الامر قضاءً وقدر بل هو اهمال متعمد، واستهتار و كسب مادي على حساب ارواح الناس.
مراقبة بناء المشاريع وتطبيق قواعد السلامة والامان مسؤولية الدولة والبلديات ، من خلال لجان متابعةوهيئات متخصصة تمنح شهادات الصلاحية للسكن والعمل وكذلك قاعات التجمعات العامة.
كل دول العالم تستخدم هذه القواعد الصارمة والتي تفرضها على اصحاب المشاريع سواء كانت صغيرة امكبيرة . ترفيهية ام صناعية ام خيرية .
فكما ان مسؤولية الدولة حماية المواطنين من اي خطر ،فان مسؤوليتها اعظم في الحماية الاستباقية ، وماأعنيه هنا المتابعة والمراقبة الصارمة سواء كان في القاعات او في المطاعم او محلات الجزارة وحتى فيالمقاهي والباعة المتجولين ، ويجب ان تتعاون وزارة الصحة والبلديات والداخلية في هذا الواجب المقدس،حماية المواطنين والحفاظ على ارواحهم احد اهم الواجبات للدولة .
متوحدة في الحمدانية يمكن ان يتكرر في اماكن اخرى ، وربما كان جرس انذار لدولة ومؤسساتها لتستفيقمن غفلتها ، وتطبيق القواعد الصارمة هو جزء لا يتجزأ من محاربة الفساد ، وربما هو المرحلة الاخطر فيمعركة الوطن ضد الفاسدين من موظفين وافراد عاديين .
يجب ان يتم تأسيس لجان مراقبة وتدقيق ورصد لمحاسبة مراقبون البلدية المقصرين وان شهادات البناء لاتعتمد على تقرير مراقب البلدية بل من لجان متخصصة .
ففي دول العالم لا يستطيع اصحاب المشاريع والبناء ان يبنوا كما يحلو لهم ، أو ان يؤسسوا شبكةالكهرباء والماء والغاز كما يشتهون، بل هناك ضوابط لابد من الالتزام بها وقواعد لابد من تنفيذها كي يمنح صاحب البناء اجازة العمل .
فالبلدية تتدخل في كل شيء إبتداءً من نوعية السلك الكهربائي وليس انتهاءً بانابيب الغاز والمطبخومفاتيح الكهرباء ونوع الزجاج المستخدم في الشبابيك وغيرها .
ربما تكون هذه الشروط مزعجة لكنها ضرورية ، وهي تقصد الحفاظ على ارواح المواطنين ، والدولة بذلكتقوم بواجبها اتجاه شعبها .
ولتكن الحمدانية الضارة النافعة والدرس الذي لا ينسى.
رحم الله الضحايا ومنَ على الجرحى بالشفاء العاجل وعلى ذويهم بالصبر والسلوان .
