عصر الحمقى /عبدالمنعم الاعسم

عصر الحمقى /عبدالمنعم الاعسم

عبدالمنعم الاعسم
الحماقة في السياسة، كما هي في الحياة: ان تعمل ذات الشيء الفاشل في كل مرة وتنتظر نتائج مختلفة، ويقال ان ناصح الاحمق، من هذا النوع، احمق منه، وان الذي يصدّق وعود ذاك وهذا، اكثر حماقة من الاثنين معا، وما زلنا في السياسة،حيث وصف الصحافي الامريكي الحائز على جائزة “بوليتزر” للصحافة كرٍس هيجز العصر الذي تشهده امريكا بـ”عصر الحمقى” في اشارة الى سلسلة التخبطات التي شهدتها الادارات الامريكية الاخيرة، واصبح قوله “انه عصر الحمقى الذي نعيشه الآن” جملة تتردد في المحافل السياسية واالكتابات ورسوم الكاريكاتير في الصحافة الامريكية، وعندما سؤل “هيجز” وهو ايضا بروفسور وناشط معارض عما يعنيه بالحمقى اجاب بقوله: “الحمقى هم الأشخاص غير المؤهلين للقيادة، الذين يضيّعون مكتسبات الأمة ويهدرون طاقاتها سواء كانوا في السلطة أم خارجها” وأضاف “يظهر الحمقى في الأيام الأخيرة للحضارات المتداعية” وختم قائلا: إذا وُسد الامر الى غير أهله، فانتظر الساعة”. وكان هيجز قد القى خطابا في اذار من العام 2017 في مدينة فانكوفر الكندية اوضح فيه خطورة هيمنة الحمقى على مقاليد الامور قائلا: “عندما تمسك فئة ضالة بالسلطة فانها تخلق اقتصاد مافيويا ودولة مافيوية” ويقول الكاتب الفلسطيني احمد برقاوي “تشترك كل حالات الحماقات السياسية في أمر واحد، ألا وهو الخوف من المستقبل، والجهل بسيرورة التاريخ المجتمعي والبشري”.
والى ذلك يقول ابو الطب الاغريقي جالينوس “ان وجه الاحمق شديد الغلظ وفي عينيه بلادة وحركة.. وانه أيضاً من أبعد الناس عن الخير”.
وتورد المعاجم أن الحماقة: قِلَّة العَقْلِ وَالشَّطَطِ فِي التَّفْكِيرِ، وفساد التدبر”. وقد اهتمت الادبيات القديمة بخطايا هؤلاء، فكتب ابن الجوزي عن أخبار الحمقى والمغفلين، كما ترجم العرب المعاصرون كتاب “مديح الحماقة” لأراسموس. وإذا كان كتاب ابن الجوزي سرداً لقصص الحمقى، فإن كتاب أراسموس كان نقداً لاذعاً للمؤسسة الدينية في اوربا آنذاك.
ان علامات الحمق كما يراها الباحثون هي: العجلة، الخفة، الجفاء، الغرور، الفجور، السفه، الجهل، التواني، الظلم، الغفلة، السرور، الخيلاء، المكر، ويقال “إن الاحمق إذا استغنى بطر وإن افتقر قنط، وإن فرح أشر وإن قال فحش، وإن سأل ألح وإن سُئل بخل”
وتقول الامثال القديمة: “أحمق من حذنة” وحذنة هذا رجل بعينه، وقيل: كان صغير الأذن، خفيف الرأس، قليل الدماغ، و كذلك يكون الأحمق . وقال بعضهم ان “حذنة” امرأة كانت تتمخط بكوعها.
ويقال أيضا : “أحمق من ابي غبشان” أو “أحمق من جحا”.
وثمة المعروف بالحمق من الطير والحيوان : الحمامة، النعجة، الطاووس، الزرافة، النعامة.. لكن العجيب ما يقال عن حماقة “الكروان” بانه إذا رأى أناساً لا يعجبونه سقط على الأرض.. فيصطادونه دون صيد.
وتلك من حماقات الساسة.. لو تعلمون.

(Visited 54 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *