فاروق سلوم – السويد
في تجربة خزاف سويدي يتخيل بيوت بغداد – فاروق سلوم
المحاولات السبع التي ابتكرها الخزاف السويدي العتيد بيرتل فالين – 84 عاما ، في فترة مهمة من تألقهالفني تعيد اليَّ كيف انشغل الفايكنج ” سكان اسكدنافيا الأصليين بمدينة بغداد ” ، فقد كان الفايكنج ” ويسمون النورمان وهم أهل إسكندناڤيا، البلاد التي تضمُّ الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد يحلمونببلوغ مدينة بغداد العباسية، وقد كانت هذه البلاد تعيش في همجية مطلقة كما يصفها المؤرخون؛ حيثكانوا يعيشون على ما يُسَمَّى بحرب العصابات، حيث قاموا بغزوات عُرِفَت باسم «غزوات الڤايكنج»، وهيغزوات إغارة على أماكن متفرِّقة من بلاد العالم، ليس لها من هَدف ٍ إلاَّ جمع المال وهَدْم البلاد والحصول علىخزائن الحبوب وانواع الطعام وثروات الأمم الاخرى .
كانوا منذ القرن الثامن والتاسع الميلادي يحلمون ببلوغ بغداد من خلال رحلاتهم البحرية التي استكشفوامن خلالها البحار المحيطة والجزر والسواحل التي صاروا هم سكانها الأصليين قبل ان تأخذ هويتهاالوطنية اللاحقه كما حصل بعد اكتشافهم الجزر البريطانية و آيسلندا وجرينلاند ونيوفاوندلاند واطرافامريكا الشمالية وسواحلها ثم الى الجنوب حتى بلغوا الأناضول . وكانوا قد هاجموا بلاد الأندلس فيالقرن التاسع الميلادي حيث احتلوا ودمروا اشبيلية ولكن تمكن بعدها خليفة المسلمين الناصر لدين اللهالثالث في الأندلس ان يجهز حملة ردتهم واقصتهم عن بلاد الأندلس حتى طلبوا الصلح مع خلافة الأندلسيومذاك .
وقد وجدتُ ورقة قديمة في ارشيف مكتبة جامعة اوبسالا اثناء فترة الزيارة والتدربيب في المكتبة الملكية السويدية عامي 2007 – 2008 تحت عنوان ” الفايكنج في بغداد“ وهي تشير الى حلم الفايكنج ببلوغ بغداد وان طلائعا منهم حاولت من خلال التطواف في احد فروع نهر الفولغا حتى بلغوا القسطنطينية وهناك عرفوا ان ارضا يابسة ممتدة تفصلهم عن هدفهم تمتد حتى ديار بكر حيث يمكنهم من هناك التطواففي دجلة لبلوغ بغداد العباسية. وهذا مااوقف رحلتهم تلك التي تعتمد القوارب اساسا .
وفي كل حال هناك دراسات تاريخية كثيرة تعبر عن حلم الفايكنج ببلوغ بغداد وكيف اسهموا في تجارةالمقايضة مع التجار العباسيين مقابل البضائع، مثل الفراء والعسل والجلود والعاج والأسماك وغيرها، كماكانت الفضة في ذلك الوقت ثمينة ومكلفة، حيث حرص العرب المسلمين في القرن الثامن والتاسع الميلاديينعلى الحصول على البضائع الإسكندنافية من الفايكنج مثل القبعات والمعاطف المصنوعة من فرو الثعالبالسوداء وهي واحدة من أغلى الفراء.
وقد جلب تجار الڤايكنج الفضة العباسية بكميات كبيرة إلى الدول الإسكندنافية، وقد تم العثور على آلافالقطع منها في مناطق بحر البلطيق وروسيا وخلال الحفريات السويدية عبر المراحل المختلفة من التاريخالحديث .
إن عمليات الحفر والتنقيب في كثير من المناطق الإسكندناڤية اسفرت عن العثور على نقود عربية (دراهم) مخبأة، حيث كانت تستخدم النقود العربية كعملة مشتركة في مناطق أيرلندا وشمال إنجلترا من القرنالعاشر حتى القرن الثاني عشر.
وفي أكتوبر 2017، عثر علماء الآثار على محبس فضي قديم يعتقد انه يحمل رمزا عربيا تبين انه كلمة اسمالجلالة ” الله” ولكن الأهم هو اكتشاف ثياب من الطراز الإسلامي في مقبرة حضارة الڤايكنج في آسياالوسطى، التي وصفها الباحثون السويديون بأنها “مذهلة“، وبحسب بحوث ودراسات علماء الآثارالسويديين فإن الزي الإسلامي الذي عثر عليه في مقبرة الفايكنج أثبت الاتصال بين قبائل الشمالوالحضارة الإسلامية انذاك، وفقًا لمنشورات وبحوث موثّقة . وبعد فحص الثياب التي عثر عليها في قبورالڤايكنج، فإن الدراسات كشفت أنها ترجع إلى القرن التاسع والعاشرالميلاديين، وتبين وجود نص عربييناشد الله بالدعاء. وكان يعتقد أن الأطرزة الحريرية كانت من الزينة التي انتشرت في عصر الفايكنغ، ولكنبإعادة فحص الخيوط المكتشفة من قبل عالمة الآثار السويدية “أنيكا لارسون” من جامعة أوبسالا، اكتشفتأنها كانت مكتوبة بحروف الخط الكوفي. حيث احتوت الثياب المنسوجة على نص عربي قديم، بالأحرفالمعروفة في الخط الكوفي، وطرزت بكلمة “الله“، وتم العثور على الحروف الكوفية في عصر الفايكنغ فيالفسيفساء ايضا على آثار الدفن والأضرحة. وتقول لارسون: “أحد التفاصيل المثيرة هو أن كلمة الله تظهرواضحة من خلال عكس صورة الزي في المرآة. ربما كانت هذه محاولة لكتابة الصلوات حتى يمكن قراءتهامن اليسار إلى اليمين“. “لاحظ الصورة الأخيرة في المقال“.
والحق ان ماكان قد حاول ان يقتبسه الفنان بيرتل فالين في القطع السبع المعروضة هنا انما هي محاولات منالأجتزاء والأختصار لمشاهدات عابرة في مكتشفات من النقود او الصناعات المختلفة او استطراد خياليلحلم قديم بمدينة بغداد وقصصها السحرية ولياليها واخبارها الحضارية المختلفة لما كانت عليه الحال فيبغداد العباسية ، والأندلس ومدن وسواحل احتك بها التجار والرحالة والعشابون الأسكندنافيون القدماءوالجدد.
ان القيمة الفنية لأعمال بيرتل فالين ربما من خلال القيمة التاريخية للفترة التي انتجت فيها في معملسويدي شهير للبورسلين هو معمل غوستافسبيري الذي كانت توضع عليه عبارة صنع في السويد مع اشارةالمرساة التي تشير الى عقدين مهمين من الأنتاج الفني الأصيل خلال عقدي الستينات والسبعينات لمبتكراتالفنانيين والعديد من الفنانين الوظيفيين لمبتكرات المائدة والحياة عموما .. ولماتزل تعرض نسخا للبيع منخمس نماذخ من اعمال بيرتل فالين تعرض للبيع بأسعار كبيرة يمكن شراؤها عبر الأنترنيت . ومايزال الكثيرمما هو غامض وبعيد عن الكشف مما يمثل تواصل الحضارات الأنسانية مع بغداد عبر العصور بالرغم منكل معلومات وضعها في رسالته السفير العباسي الأول احمد بن فضلان اول سفير لبغداد في مملكة روسياوالبلاد الأسكنافية الأنطوائية البعيدة او ما يعرف برحلة أحمد بن فضلان إلى بلاد الترك والروس والصقالبة،التي تضم اسرار التاريخ والأنسان عبر الأزمنة المختلفة .