حسين الصدر
-1-
يتسم بعضهم بالجهل المركب فهو جاهل ولا يدري بأنه جاهل ويجترح من الأفعال ما يتناغم مع جهله ويتباعد مع مقتضى الموازين ..!!
-2-
انّ حب الذات يدعوه الى ان يخلع عليها سمات العلم والفهم وهي بعيدة عنهما .
وهذا النمط من الناس موجود في كل زمان ومكان
جاء في التاريخ :
ان الامام الصادق ( ع ) رأى رجلاً ممن يتظاهرون بالعلم وهم ليسوا من اهله يسرق رغيفين من احد الخبازين ثم سرق رمانتين من احد البقالين ثم تصدق برغيف ورمانه على احد الفقراء .
استوقفه الامام وقد هاله ما راى من تصرفه المشين وأنكر عليه ما اجترحه فأجابه الرجل – ومن موقع الصلف والغرور :
” انك على كبر سنّك ، وقربك من رسول الله تجهل احكام الدين ؟
أليست هذه الفرية من البلايا الكبرى ؟
وكيف لا تكون بليةً وقد فضّل هذا الجاهل نفسه على الامام الصادق – وهو منهل المواهب واستاذ المذاهب – فضلاً عن كونه حجة الله على الخلق في شؤون الدين والدنيا ؟
حينها سأله الامام الصادق :
وكيف ذلك ؟
قال الرجل :
ان الله يقول :
( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها )
الانعام / 160
واني لمّا سرقتُ الرغيفين والرمانتين كُتِبَتْ لي بكل سرقة سيئة واحدة ،
ولمّا تصدّقتُ بالرغيف والرمانة كتبت لي بكل صدقة عشر حسنات ،
والحسنات يذهبن السيئات .
فقال له الامام :
ما أجهلك بأحكام الدنيا .
إنك لما سرقت أذنبتَ
ولما تصرفت بمال غيرك وتصدقت به فقد أضفت ذنبا الى ذنبك ،
والله تعالى لا يتقبل الصدقة الاّ اذا كانت من المال الحلال
ولا يتقبل الاّ من المتقين .
قال تعالى :
( انما يتقبل الله من المتقين )
المائدة /27
فأفُحم الرجل ولم يستطع أنْ ينطق بحرف واحد .
أقول :
تضمنت هذه الحكاية درساً في غاية الاهمية حيث أنَّ الانفاق في ميادين البر والاحسان لابد ان يكون من المال الحلال لا من الاموال المنهوبة والمغتصبة .
واذا كان السارق للرغيفين والرمانتين قد تصدق بهما ظانا انه قد حصل على الحسنات التي تمحو السيئات فان هناك وفي العراق الجديد من سرق المليارات من الدولارات من الثروة الوطنية العراقية وربما يحاول بعضهم التظاهر بالوطنية فيعمد الى انشاء بعض المشاريع النافعة
ولكن هيهات
لو أغنى الفقراء جميعا،
ولو بنى من المدارس والمستشفيات والمعابد ما بني ، فان ذلك لن ينفعه على الاطلاق لانه لم يكن من المال الحلال بل كان من المال الحرام .
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com