أبوذيات لندنية / علاء الخطيب

أبوذيات لندنية / علاء الخطيب

علاء الخطيب

كان الجو بارداً ونحن نسير نحو ملتقى الشعر الشعبي الاول في لندن ، وما ان دخلنا واخذنا اماكننا ، حتىاخذ دفء الكلمات وحرارة ارواح الشعراء تتسلل الى دواخلنا .

عانقت عيوننا جمال الارواح التي اشتعلت بالحب والرقة ، وهي تستعد ان تعلن عن منجزها وسط مدينة لاتمت لها بصلة سوى الوجود القسري .

وسط الدهشة التي اعترتنا ونحن نشاهد قاعة مملؤة بالجمهور ، و ارواح متلهفة لسماع ما تنطلق بهحناجر الشعراء الستة ، ارتفع صوت مقدم الحفل  الفنان الشاب محمد بركات بقصيدة رائعة عن الشهداء ،جعلتنا نتمايل مع مفرداتها دون ان نشعر ، و نريد ان نعرف المزيد عن هذا الملتقى الفريد من نوعه في اوربا  بشكل عام وبلندن على وجه الخصوص.

ملتقى للشعراء الشعبيين مساحة مكسوة بجمال الصورة وسبك العبارة وابداع الالقاء ، الذي اخذنا الىمسافات بعيدة ، عبرت بنا قارات وبحور نحو الوطن نحو العراق ، وهناك كمُل اللقاء  في وطن افتراضي ،

لم نشعر بالغربة ولو لساعات معدودة .

  تذكرت حينها قصيدة السياب الرائعةغريب على شاطئ الخليج  .

لو جئت في البلد الغريب إلي ما كمُل اللقاء

الملتقى بك والعراق على يديَّ هو اللقاء

كانت القصائد مثقلة بالحزن ، مفعمة بالابداع ، ابتدأها هاني الجوراني رئيس الملتقى ثم توالى عبق  الشعراء الستة  الذين وقفوا وراء هذا المنجز الابداعي،  تنوعت قصائدهم و الاغراض التي تناولوها ،  تنقلوابنا  من المفردة الريفية الجنوبية الى الشعر النبطي ،ومن الدارمي الى الزهيري و الابوذية، وصولاً  الىقصيدة التفعيلة .

كان الحفل زاخراً بالبحوث  عن الشعر الشعبي  وانواعه ومؤسسيه و المناطق التي ولد فيها  . قدمهالصحفي ناجي سلطان الزهيري مستشهدا بانواع الدارمي و الابوذية .

كما قدم الفنان طاهر بركات  بحثاً  راقياً عن  تأثير المفردة الشعرية في الغناء ، كما تناول موسيقى الشعر  وتأثيرها الوجداني .

لم يخلو الحفل من الامتاع  والموسيقى  والوجوه النظرة  التي علتها الابتسامة .

تجربة ملتقى الشعر الشعبي الاول في لندن تستحق الوقوف معها ودعمها ، لانها تؤسس لحالة ابداعية  توصل الجسور مع ثقافتنا وقيمنا . وتخلق جواً مختلفاً  عما ألفناه في عواصم الغربة .

الشعراء حملوا همومهم  ومعاناتهم وكانت الكلمات تنطق عنهم ، فوصلت بحرارتها الى دواخل المتلقين .

الصور الشعرية  التي استمعت اليها من  الشاعر حمود كريم  ، عكست  عمق الالم الذي ينتاب الانسانالمغترب ، والشوق والحنين ، كانت القصيدة تعبر عن نوستالجيا  عراقية .

شاعر شاب اخر هو مبارك العونان ، كان غارقاً في الحب ، سابحاً في الخيال ، عاشقاً لحنان الام. قدم لنامقطوعة جميلة  باداء رائع .

أنمار شدود  شاعر مرهف الحس  سافر بنا نحو الاهوار وسوق الشيوخ ، محلقاً بالابوذية التي شدتنا بقوة، واحياناً بقسوة .

محمد الجاسر اتسمت قصيدته بعزة النفس. والفخر الاجتماعي .

فيما. قدم عبد الله الكوح نمطاً اخر من الشعر تميز بعذوبة المفردة وجمالية الصورة .

سامي البدري الشاعر الشفاف ، رقيق المفردة ، يغوص بك في اعماق الروح .

كانت الامسية من نوع اخر  كنت اتمنى ان تطول وتطول ، فزمن الجمال غير متسع ، فهو يخرجنا عن محيطالقبح الى عالم المتخيل ، الى حيث الروح المحلقة في فضاءات النور والنغم .   

(Visited 119 times, 1 visits today)

One Comment

  1. وصف دقيق لتلك الاحتفالية ، فالكاتب والاعلامي الاستاذ علاء الخطيب يتميز بعذوبة كلماته النابعة من عذوبة احساسه وذوقه الراقي ، نعم كانت امسية متميزة مفعمة بفيض الأحاسيس الإنسانية الصادقة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *