يبدو ان منْ تحدوهم الرغبة بعزل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ، هم من الذين صفقوا له سابقاً ،ومن خرجوا من تحت عبائته السياسية في الانتخابات الاخيرة ، وكذلك من انصاره القدماء الذين فشلوا فيالحصول على موطأ قدم في الساحة السنية، بالاضافة الى ثقله السياسي المتمثل بكتلته الكبيرة فيالبرلمان .
وغياب كثير من الزعامات السنية التقليدية .
و من ابرز الداعين لهذه الخطوة تحالف عزم بقيادة مثنى السامرائي ، و السيد جمال الكربولي رئيس حزبالحل “المعتقل السابق و المتهم بالفساد“، وكذلك المرشح عن تحالف تقدم النائب السابق السيد حيدر الملاالذي استبعد من الانتخابات استناداً الى تسجيل صوتي قدمه النائب السابق محمد الكربولي، تلفظ فيهالملا بعبارات نابيه و تهجم على النظام السياسي واشاد بالتطبيع مع اسرائيل .
فيما التحق بهذين الاثنين النائب ليث الدليمي، الذي ينشط هذه الايام في الاعلام، مدكراً العراقيين بأنه وقععلى ورقة استقالته قبل الانتخابات .
وهذا الاخر بحد ذاته عمل مشين يدينه قبل ادانة الحلبوسي ، فكيف يرضى الدليمي ان يوقع على الاستقالة ،وكأنه يرهن قراره ومستقبله السياسي بجهة ٍ اخرى .
وهذا يعني ان من ساهم بفوز الدليمي هو الجهة المتبناة.
ومن المفيد ان نذكر ان المنشقين عن الخنجر في تحالف عزم” السامرائي وكتلته “ كان هدفهم مواجهةالحلبوسي والوقوف امام تمدده في الانبار وبقية المحافظات السنية .
فبعد ان كان المطالبون بعزله من انصاره و جزء من نسيجه ومشروعه السياسي ومن الداعين بقوة لقيادتهالمكون السني ، وفي ليلة وضحاها أصبحوا من خصومه ومناوئيه والداعين لعزله !!!!!!!
ومما شجعهم على ذلك ، دعم بعض اطراف الاطار التنسيقي لهذه الخطوة .
وبعد احتدام الصراع بين تحالف عزم والسيادة حول الحقائب الوزارية وتسلم تحالف السيادة للوزاراتالمهمة باعتباره فائزاً اول بعد انسحاب الصدر ، جعل تحالف “عزم ” يبحث في ملف اقصاء رئيس مجلسالنواب من منصبه .
الحلبوسي كان ذكياً ومناوراً سياسياً محترفاً ، استبق خصومه السياسيين واعلن عن تقديم استقالتهوعرضها على البرلمان في سبتمبر الماضي ، ليضعهم على والمحك ولينتزع منهم الشرعية، فصوت النواببالاغلبية بواقع 222 نائب على بقاءه في منصبه ، ومن قبل نواب وقيادات اطارية كانت تطالب بعزلهوتتهمه بتاجيج الخصومة بين الاطراف الشيعية وكذا الحال في داخل المكون السني .
الواقفون وراء حملة العزل ، يعلمون تماماً ان قرار عزل الحلبوسي ليس بيد زعامات تحالف عزم وبعضالقيادات السنية ، لذا يعولون على الاطراف المناؤة لرئيس البرلمان داخل الاطار التنسيقي، ويبدو ان هذاالامر ليس عليه اجماع .
لقد تعاظم نفوذ الحلبوسي في السنوات الاخيرة بين ابناء المكون السني ، ففي فترة قصيرة استطاع الرجلان يكون من القيادات البارزة والقوية ، والتي حققت بفعل ذكائه السياسي الكثير من المكاسب ، واصبح رقماًصعباً في المعادلة السياسية ، فبعد ان كانت القيادات السياسية السنية متعددة الاطراف متناثرة ،اصبحت اليوم كتلة مؤثرة وشريك اساسي في القرار السياسي.
لذا من الطبيعي ان يتكاثر خصومه اعدائه ، ولا زالت القاعدة التي تقول : ” للنجاح الكثير من الاعداء ،والفشل ليس له اصدقاء” سارية المفعول ، فسيخرج الكثير من المطالبين بعزل الحلبوسي .
الامر الاخر هو: ان الحلبوسي استطاع ان يبني علاقات عربية مهمة مع الاردن والامارات والكويت. والعربيةالسعودية وغيرها من البلدان العربية من جوار العراق وخارجه، وهو من القيادات السنية الذي يتمتعبمقبولية لدى الدول العربية .
لقد جائت محاولة العزل كخطوة استباقية من قبل بعض القيادات السنية لخوفها من استحواذ وفوز حزبتقدم بزعامة الحلبوسي وهيمنته على انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في اكتوبر القادم.
وفوز ” تقدم” وسيطرته على مجالس المحافظات الغربية يعني ذلك افلاس القيادات والكتل السياسيةالسنية من الشارع السني ، وكما عزلت الزعامات السابقة مثل النجيفي والمشهداني و العيساوي وغيرهمسيعزل الكربولي والسامرائي والجبوري والعبيدي والقائمة تطول .
تشير استطلاعات الرأي ان حزب تقدم له جماهيرية كبيرة بين الشباب وان اكثر مؤيدو الحزب هم منالشباب ، وهذا الامر يقلق بعض الاحزاب والقيادات السنية التي وصلت الى مرحلة الشيخوخة والتقاعد .
بقي ان نقول في حالة عزل الحلبوسي هل يوجد بين القيادات السنية الاخرى من يحل محله وبنفسالفاعلية والقوة ؟
فان مسيرة الحلبوسي كرئيس للبرلمان “باعتبار المنصب هو استحقاق مكوناتي” كشفت عن قدراتاستثنائية في المناورة والبرجماتية السياسية ، فهو أصغر رئيس برلمان سناً في تاريخ العراق المعاصر “42 عاماً “، ذو ملكات قيادية في إدارة المكون الذي يمثله ، علاوةً على نجاحة في العمل بين المتناقضاتالسياسية.
ورغم ان عمل رئيس مجلس النواب في ظل هيمنة الاطار بـ 129 ومجموعة النواب الخصوم من تحالفالعزم لن يكون سهلا إلا انه اثبت قدرته على تجاوز الصعاب ، والعمل بمهارة كبيرة ، يتمكن من خلالها انيضع خصومه في الزاوية الحرجة التي تلزمهم بالتعامل معه