المستقل / متابعات
تستعدّ المملكة المتحدة لموجة جديدة من الإضرابات، تشمل عددا من القطاعات الهامّة والأساسية قبل أيام من عيد الميلاد.
وفي حين تعد الإضرابات المرتبطة بقطاع الصحة هي الأبرز، كونها تمس حياة المرضى من المواطنين، تواجه خطط السفر في عيد الميلاد العديد من العقبات، مع ما يجري الإعداد له من انسحاب العاملين في عدد من المطارات خلال الفترة من 23 إلى 26 ديسمبر/كانون الأول الجاري قبل أن يستأنفوا إضرابهم مجددا من 28 ديسمبر/كانون الأول حتى ليلة رأس السنة الجديدة.
في المقابل، وفي خطوة لطمأنة المواطنين، أكّد مكتب مجلس الوزراء البريطاني أن 1200 فرد من القوات المسلحة سيحلّون محل سائقي سيارات الإسعاف التابعين لدائرة الصحة الوطنية وموظفي المطارات المضربين عن العمل للحد من الاضطرابات في الأيام المقبلة، وهو الإجراء الذي وصفته النقابات بـ”اليائس”، حيث أشارت إلى أنّ هذه القوّات لا تتمتّع بالكفاءة والتدريب الكافي لسد الفجوات في التوظيف في أماكن الإضرابات.
وفي إضراب هو الأول من نوعه على مستوى البلاد من قبل موظّفي الإسعاف منذ أكثر من ثلاثة عقود، من المقرّر أن يضرب بعد غد الأربعاء ما يزيد عن 10 آلاف موظف إسعاف بما في ذلك المسعفون ومسؤولو المكالمات عبر تسع وكالات في إنكلترا وويلز.
في هذا السياق، قال وزير الصحة البريطاني ستيف باركلي إن النقابات يجب أن تضمن مستويات التوظيف “الكافية” خلال إضراب هذا الأسبوع لحماية المرضى، مؤكدا تجنيد أكثر من 600 من أفراد القوات المسلحة لقيادة سيارات الإسعاف لتغطية الإضراب مع 150 في أدوار الدعم. بيد أنّ رئيس أركان الدفاع البريطاني، الأدميرال السير توني راداكين، حذر من أن هذه القوات ليست “طاقة فائضة” للعمال المضربين.
يأتي ذلك، بينما أبلغ المسعفون صحيفة “آي” بأن المرضى قد يموتون بسبب التأخير في الاستجابة لمكالمات الطوارئ قبل الإضراب في إنكلترا وويلز.
ويعدّ هذا الإضراب هو الأكبر من قبل الممرضات في تاريخ خدمات الصحة الوطنية، حيث شارك فيه حوالي ربع المستشفيات وفرق المجتمع في إنكلترا، إلى جانب جميع الصناديق في أيرلندا الشمالية وجميع مجالس الصحة في ويلز باستثناء واحد.
في هذا الشأن، قالت الكلية الملكية للتمريض (RCN) إن الممرضات تحملن خفضًا حقيقيًا للأجور بنسبة 20 في المائة منذ عام 2010. وهناك أيضًا وظائف تمريض شاغرة بعدما استقال ما يقارب الـ25000 موظف تمريض في العام الماضي، ودعت إلى زيادة الأجور بنسبة 19 في المائة.
على صعيد آخر، يبدأ أكثر من ألف من العاملين في المطارات إضرابًا في مطارات هيثرو وغاتويك وبرمنغهام وكارديف وغلاسكو يوم الجمعة ولغاية 26 ديسمبر/كانون الأول، على أن تستأنف هذه الإضرابات من 28 ديسمبر/كانون الأول حتى ليلة رأس السنة، حيث هناك أكثر من 10000 رحلة جوية من المقرر أن تهبط خلال هذه الفترة.
وبحسب ما أوردت صحيفة ذا تايمز، تمّ التخطيط لإبقاء الركاب على متن الطائرات بعد الهبوط لبعض الوقت، بغية منع حدوث طوابير ضخمة عند مسؤولي الجوازات. وقال مصدر مشارك في المفاوضات للصحيفة، إن التأخيرات لمدة ساعتين في المطارات تتم “مناقشتها بشكل روتيني” في الاجتماعات.
والأسبوع الماضي، أعلنت الخطوط الجوية البريطانية وفيرجين أتلانتيك أنهما ستحدان من مبيعات تذاكر الرحلات إلى مطار هيثرو خلال الإضراب.
وعلى نحو متصل، يستمرّ موظفو السكك الحديدية في إضراباتهم التي انطلقت منذ الصيف الماضي، ويخططون للإضراب يوم السبت 24 ديسمبر/كانون الأول في تمام الساعة 6 مساءً ولغاية يوم الثلاثاء 27 ديسمبر/كانون الأول. وتشمل هذه الإضرابات العمال الذين يقومون بصيانة السكك الحديدية مثل الإشارات وعمال الصيانة. ومع أنّ هذه الإضرابات تحلّ في أيّام أعياد الميلاد، يقول ميك لينش، الأمين العام للنقابة، إنّ تأثير الإضراب على عيد الميلاد سيكون ضئيلاً.
وقد قابل “العربي الجديد” متظاهرين أمام محطة قطارات ريدينغ. وقال أحد الناشطين الداعمين للاحتجاجات، وهو عضو في “اتحاد يونيون” (هو اتحاد القرن الحادي والعشرين الذي يواجه أكبر التحديات التي تواجه العمال اليوم)، واسمه آدم، إن هؤلاء العمّال يعملون بجد وفي جميع الأوقات والأزمات، خاصة خلال فترة جائحة كوفيد-19، مع ذلك يعجزون عن دفع فواتيرهم مع ارتفاع أزمة المعيشة، ولم يحصلوا على زيادة أجور تتماشى مع التضخم الحالي في البلاد، بل عُرضت عليهم زيادة 5 في المائة فقط، بينما ينبغي أن يحظوا على الاقل بزيادة قدرها 15 في المائة أو أكثر.
وأضاف: “نعلم أن الناس تكافح لتدفئة منازلها وتختار بين الطعام أو التدفئة. في الواقع لا توجد معارضة في الحكومة، فحزب العمال لا يختلف عن حزب المحافظين، وهم يقلّصون من عدد الموظفين والوظائف، وأعتقد أنّه حزب عمّال بالاسم فقط لكن ينهج سياسة حزب المحافظين”.
وامتدت الإضرابات أيضاً لتطاول المشرفين على اختبارات القيادة والعمال في وزارة العمل والمعاشات (DWP)، الذين بدأوا إضرابهم اعتبارا من اليوم الاثنين، في أحدث تصعيد من قبل موظفي الخدمة المدنية بشأن الأجور والوظائف والظروف.
ويستمرّ إضراب ممتحني القيادة في وكالة معايير السائقين والمركبات (DVSA) في الشمال الغربي ويوركشاير وهامبر وشمال ويلز حتى يوم السبت القادم. ومن المتوقّع أن يتأثر شرق إنكلترا وشرق ميدلاندز وويست ميدلاندز وأجزاء من لندن في الفترة من 28 إلى 31 ديسمبر/كانون الأول و3 يناير/كانون الثاني. وتنطلق موجة أخرى من الإضرابات في الفترة من 4 إلى 10 يناير/كانون الثاني في لندن وجنوب شرق إنكلترا وجنوب غرب إنكلترا وويلز.
من جهتهم، استمر موظفو البريد الملكي في إضرابهم هذا الأسبوع مع المزيد من الإضرابات المخطط لها على مدار يومي الجمعة والسبت القادمين.