الوزير الكريم / حسين الصدر

السيد حسين الصدر
-1-
كانت صلاحيات الوزراء في الانفاق مطلقةٌ وغيرَ محدودة بموازنةٍ مصادقٍ عليها من قبل اية جهة ..!!
وكانت عطاياهم سخية للغاية تبلغ أرقاماً فلكية مذهلة .
-2-
وقد عَظُم دورُ الوزراء في العهد العباسي حتى أصبحوا يتصرفون بما يعجز عنه بعض الملوك …!!
-3 –
ومن هؤلاء الوزراء ( علي بن سليمان ) وقد دخل عليه يوماً رجلٌ فقال له :
سألتُك باللهِ العظيمِ ،
ونبيِّهِ الكريم ،
الاّ ما أجرِتَني مِنْ خصمي .
فقال :
ومَنْ خصمُك حتى أُجيرَك مِنْهُ ؟
فقال :
الفقر .
فأطرق الوزيرُ ساعةً وقال :
قد أمرتُ لك بمائة ألف درهم ،
فَأَخَذَها وانصرف .
والملاحظ هنا :
أنّ هذا الرجل دخل على الوزير دون أنْ يحجيه أحد ،
ولم تكن بَيْنَه وبين الوزير صلة أو علاقة غير أنّ الرجل اختار صيغةً مثيرة اهتز لها الوزير فأسرع الى إسعافه بِمِنْحَةٍ سخية .
وبعد أنْ انصرفَ الرجلُ أمرَ الوزيرُ بردِّهِ وإرجاعِه ،
فلما رجع قال له :
سألتُك باللهِ العظيمِ ،
ونبيِّه الكريم ،
متى أتاكَ خَصْمُك مُعَنِفاً فارجع الينا مُتَظَلِمَا .
وبهذا يكون الوزير قد استعار من الرجل الصيغة التي خاطبه بها ليؤكد له استعداده التام لابعاد شبح الفقر عنه .
وهنا تكمن الانسانية والمروءة، وتتجلى الرغبة في إنعاش الضعفاء والفقراء .
-4-
وهكذا يجب أنْ يكون المسؤول في مشاعره الجياشة وعواطفه النبيلة ازاء المواطنين عموما ، لاسيما المستضعفين منهم، غير أننا في (العراق الجديد) قَلَّ أنْ نجد مَنْ يحملُ هذه الروح السامية ويحنو ويجود على الضعفاء بما يبعد عنهم ألوان المعاناة .
-5-
انّنا لا نتحدث عن الملائكة، وانما نتحدث عن وزير استطاع أنْ يُلزمَ نفسَه بالاستماع الى حاجات الناس ، والمسارعة الى تلبية مطالبهم متى ما كانت مقدورة، وهذا هو المطلوب والمأمول مِنْ كُلّ من يتسنم المناصب والمواقع المهمة في اجهزة الدولة .
-6-
لقد أبقى هذا الوزير ذِكْرَاً حميداً له في التاريخ عَبْرَ مَوْقِفه النبيل هذا، بل أصبح قدوة لمن يأتي بعده، ولكن السؤال الآن :
أين هم اولئك الوزراء المتلهفون للتفاعل مع آلام الناس ؟
ان معظمهم –للاسف الشديد –غارِقٌ الى شحمة أذنيه في اقتناص ما يمكن اقتناصُه مِنْ مكاسب وامتيازات دون أنْ يحسب حساباً لأحد..!!
وهنا تكمن المصيبة .

حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com

(Visited 25 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *