كتب : فاضل الكلابي / محامي وكاتب عراقي
لا يفهم المجتمع العربي عموماً معنى الحرية،هل هو شعارٌ يردده ولا يعرف مداه؟هل هو على يقينٍ تام بملكيته للحرية؟ ام انه مجرد نقلٌ لمفهوم الحرية في البلاد الغربية؟
في البداية هنالك تعريفان للحرية،الأول يقول: إنها المسؤولية.
وثانيهما يمضي قدماً في توضيح الاول ويقول:هو الإتفاق بما يوحي إليه الشرع والعقل.إذن يتجسد مفهوم الحرية في الشرع والعقل،ومما لا شكَ فيه إن لكل مجتمع شرعه وعقله الذي انشأه بحكم ظروفه الخاصة،فمن غير المعقول ان يتم استبدال عقلنا الشرقي بكل تجلياته،بمفهوم غربي شبه مغلوط جاءنا عبر ترجماتٍ لا نعرف مدى مستواها ودلالاتها اللغوية نقلاً عن نفاهيم غربية كُتِبت لمجتمعات لها ظروفها.
فالحرية هي حكمٌ شرعي لكنها في الوقت ذاته إثباتُ لواقع مدى قدرة الفرد على تحقيق العقل بي حياته،فالتناسق بين الشرع والحرية هو العدل الذي يقون عليه الكون،مثالاً على كلامي الذي اسهبتُ به قليلاً إن الطفل والمجنون يتمتعون بحرية تامة لانهم غير مكلفين،إذن حريتهم كاملة،ولكن انسانيتهم ناقصة.
إن صوت الشباب الصاعد حالياو يطالبون بالخروج عن شرع مجتمعهم،يودون أنهُ لو يتم استنساخ التجربة الغربية كاملةً ظناً منهم بصحتها،لكن المفارقة تكمن بأن الحرية في تلك المجتمعات-الغربية- أوسعُ من مفهومها،اما في بلادنا فيكون العكس هو الصحيح.
مسألة الحرية هي ان تتمتع بانسانيتك إذ لا وجود للانسانية بلا حرية. بيدَ أن الانسانية مرهونة بحفظ حقوق الآخرين،فكم من الناس في مجتمعنا حريتهم كاملة وانسانيتهم ناقصة؟ اليست الحرية هي الاتفاق بين الفرد والمجتمع،وبين المجتمع والحكومة على ما ينصه العقل،ليتكون الثنائي(مجتمعٌ رصين،وحكومة فاعلة).
ليس هدفي هو محو الطبيعة رأساً،وانما الوصول الى حل وسط بحيث ان يكون العقل هو الرابط.
مشكلتنا اننا نرمز الى نموذج الحرية في تراثنا على ذلك الرجل البدوي او الصعلوك الذي ترك أهله وعاش حياة البراري التي لا تقيدها اية معايير،فننظر اليه هو ذلك الذي ترك كل محدداته وعاش كما تعيش البهائم،والسؤال هو: من سيملأ هذه الفجوة الفكرية التي ترسخت في العقول الشرقية على ان الحرية هي الثورة وليست المسؤولية؟