السيد حسين الصدر
-1-
الحكمةُ ضالةُ المؤمن يبحث عنها ويتتبعها حيث ما كانت .
أما الذين لا تعجبهم الاّ ( السريالية )، والألغاز التي ليس وراءها ما يعوّل عليه من فكرثابت أو نظر سليم، فانهم يغبنون أنفسهم بأنفسهم ويصدون عن كنوز لها قيمتها الكبرىفي ميزان العقل ..
-2-
ونورد هنا جملة أبيات لشعراء متعددين انطوت أبياتهم على الحكمة ، أملاً في الافادةمنها عبر ترجمتها العملية في مساراتنا ومداراتنا :
قال الشاعر :
اذا ما المرءُ صام عن الخطايا
فكلُّ شُهورِهِ شهرُ الصيامِ
نعم
اذا صان الانسان نفسه عن الخطيئات، وتوّرع عنها، فهو بمثابة الصائم كما انَّ أيامه كلهاتكون أعياداً .
طبقا لما قاله الامام امير المؤمنين (علي ) عليه السلام :
( كل يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد)
-3 –
ان الصوم ليس عن الطعام والشراب فحسب ،
والصوم الحقيقي هو الصيام عن كل الخطايا وهذا ما بيّنه شاعر آخر فقال :
اذا لم يكن في السمع مني تصامُمٌ
وفي مقلتي غَضٌ وفي منطقي صَمْتُ
فحظى اذاً مِنْ صوميَ الجوعُ والظَما
وانْ قلتُ إني صمتُ يوماً فما صُمْتُ
انّ الصوم يعني صوم الجوارح كلها :
صوم السمع عن ما لا يحل ،
وصوم النظر عن ما لا يحل ،
وصوم اللسان عن ما لا يحل ،
والاّ فان الامساك عن الطعام والشراب والولوغ في مستنقعات الحرام ليس لصاحبه الاّالجوع والعطش .
-4-
قال الشاعر :
وَلَدَتْكَ أمُّكَ يا ابن آدم باكياً
والناسُ حَوْلَكَ يضحكون سُرورا
فاجهد لنفسك أنْ تكون اذا بكَوْا
في يوم موتِك ضاحِكاً مسرورا
يُستقبل الوليد بالزغاريد ولكنه يُطل على الدنيا باكياً ،
والمهم أنْ يستثمر المرءُ عمره في ما يثري به رصيده من البِرّ والخير والاحسان ليفوز عندالله، وليكون محبوباً عند الناس حتى أنهم يبكون حزنا على فقده .
ولن تبكي الناس الاّ على الأبرار ، من ذوي المبادرات الانسانية والخدمات الاجتماعية،والذين آثروا على أنفسهم فبذلوا وغرسوا وكانت لهم عطاءاتُهم المتميزة .
-4-
وقال الهذلي :
والنفسُ راغبةٌ اذا رغَّبْتَها
واذا تُردُّ الى قليلٍ تقْنَعُ
بمقدور الانسان ان يُمسك بزمام نفسه ويكبح جماحها ويصدها عن الارتطام بالقبائحوالرذائل ، وأن يسير بها في الطريق الخالي من العثرات.
أما اذا تركها دون مراقبةٍ ومحاسبةٍ وانضباطٍ فانها سرعان ما توقعه في المطبات والمزالقوتنتهي به الى مهاوي الانسلاخ عن القيم والموازين .
-5-
وهذا ما عبر عنه شاعر آخر فقال :
وكيف تُريد أنْ تُدعى حكيماً
وأنتَ لِكُلّ ما تهوى تَبوعُ ؟
انَّ النفس أمّارة بالسوء ، ومن تبعها حصد الندامة .
-6-
قال الشاعر :
يقولون الزمانُ به فَسادٌ
وَهُمْ فَسَدوا وما فَسَدَ الزمانُ
انّ الزمان ليس الاّ وعاءً للوقت ، ونحن مَنْ يملأُ هذا الوعاء ، ولاشكَّ انّ بضاعة الفاسدينهي الفساد، فالذنب اذن ذنبهم وليس ذنباً للزمان .
-7-
وقال آخر :
رأيتُ الدهر مختلفاً يدورُ
فلا حزنٌ يدوم ولا سرورُ
من طبيعة الدهر التحول والانتقال من حال الى حال .
وفي هذا السلوة لكل حزين، حيث لا يدوم الحزن الى نهاية العمر، ولابُدَّ ان يعقب السرورالاحزان، كما أنّ المسرات هي الأخرى معرّضة للزوال فلا ينبغي الاغترار بها والغفلة عماتخبؤه الدنيا من المفاجاءات .
وكل ذلك ينتج الاعتدال والتوازن عند ذوي الألباب .
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com