آفاق العلاقات المستقبلية بين السعودية وايران

آفاق العلاقات المستقبلية بين السعودية وايران

أثارت التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية القطري
محمد عبد الرحمن آل ثاني بشأن استعداد باده التوسط
للمصالحة بين ايران والسعودية ردود أفعال متعددة سواء
تلك التي صدرت من طهران أو التي صدرت من الرياض ؛
وكأن الجانبين كانا على موعد لإبداء رغبتهما في مثل هذه
الوساطة كل على طريقته الخاصة ؛ خصوصا بعد هزيمة
الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية
وتفكيك الرهانات التي كانت معقودة عليه .
ان المنطقة دفعت ضريبة التدافع السياسي والأمني الحاد
بين البلدين الذي استمر طوال السنوات العشرة الاخيرة
وتحديدا منذ اندلاع الأزمة السورية؛ ساعد في ذلك فوز
المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات عام 2016
والآمال التي انعقدت عليه في انهيار « الاتفاق النووي »
ومعاقبة ايران في حال رفضها المقاسات الامريكية للجلوس
على طاولة المفاوضات .
والجميع يتذكر الوعود التي أعطاها الرئيس الامريكي ترامب
للسعودية وهي الخروج من «الاتفاق النووي » الذي اسماه «
اتفاق سيء » ، وعقد اتفاق آخر يأخذ بنظر الاعتبار المخاطر
التي سببها وقوف ايران الى جانب اصدقائها وحلفائها او ما
يسمى « النفوذ الايراني في المنطقة » وهو الشرط السعودي
؛ اضافة الى المنظومة الصاروخية التي تهدد « الأمن الاقليمي
» الذي هو شرط «اسرائيلي » اكثر مما هو سعودي .
الرئيس ترامب استعجل الامر وقام بزيارة للرياض بعد ثلاث
اشهر من دخوله البيت الابيض عام 2017 . وقيل حينها انه
استلم 460 مليار دولار فيما تحدثت معلومات عن استلامه
ضعف هذا الرقم مقابل الانسحاب من « الاتفاق النووي »
وتأديب ايران وتقليم اظافرها في المنطقة .
الجميع سمع الجملة السحرية التي قالها الرئيس ترامب
عندما وقع على قرار الانسحاب من الاتفاق النووي « وفيت
بعهدي » . الرجل كان صادقا لانه اعطى تعهدا للسعودية
بالانسحاب من الاتفاق .
ما حدث هو ان الرئيس ترامب وفريقه في البيت الابيض
اخفق في مساعيه بشان ايران ؛ اللهم الا نجاحه في فرض
عقوبات اقتصادية في حدها الاقصى ، وما عدا ذلك فإنه لم
ينجح في انهيار « الاتفاق النووي » . اما دعوة ايران لمفاوضات
جديدة فإن ادارة الرئيس ترامب فشلت في الضغط على
ايران لجرها الى طاولة مصممة على المقاسات الامريكية
التي تستبطن الارادتين السعودية و »الاسرائيلية » ؛ في الوقت
الذي فشلت فيه الادارة جر ايران لحرب على الرغم من كل
الخدع التي استخدمتها مع ايران كتفجير السفن والاحتكاك
الجوي والبحري ؛ حتى ان الوعود التي اعطتها ادارة ترامب
لحلفائها بشن حرب على ايران في الايام الاخيرة من عهد
الرئيس ترامب بعد هزيمته في الانتخابات لم تنجح .
المنطقة الآن تمر بمتغير جديد وهو فوز المرشح الديمقراطي
جو بايدن الذي يريد استخدام القوة الناعمة من اجل حل
مشاكل المنطقة ومنها فتح باب الحوار مع الحكومة الايرانية
بعدما اعلن عن رغبة في العودة للاتفاق النووي .
لا اريد الدخول في مسارات المفاوضات الايرانية الامريكية
المحتملة والتي اتركها لوقت آخر ؛ لكن المهم كيف تريد
ايران والسعودية تنظيم علاقاتهما في المرحلة المقبلة ؟ .
الجواب على هذا السؤال ليس بالامر السهل لاسباب تتعلق
بالقضايا التي تحرك الصراع بين الجارتين وحساسية هذه
القضايا بالنسبة لهما .
ما اسمعه من مسؤولين سعوديين يقولون دائما « ان ايران
تعلم ما يجب ان تفعله قبل الطلب الجلوس الى طاولة
المفاوضات » . وعندما يقول السعوديون ذلك فإنهم يشيرون
الى ضرورة ترك ايران ما يسمى بنفوذها في الدول العربية .
وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الطلب لا يمكن تحقيقه ، شأنه
شأن «النقاط الثلاثة عشر » التي وضعتها امام اشقائها في
قطر ، واضطرت في نهاية المطاف العودة الى قطر وليس
عودة قطر لها .
يبدو لي ان العلاقة بين السعودية وايران اعمق بكثير من
علاقتها مع قطر ؛ لحساسية القضايا العالقة بين البلدين
؛ وبالتالي لابد من التفكير بعمق من اجل التوصل الى
فهم مشترك – كما قالت وزارة الخارجية الايرانية – للامن
والاستقرار في المنطقة .
ان البلدين بحاجة الى خطوات تبدأ من بناء الثقة وتعزيزها
؛ ومن ثم العمل على صياغة آلية ل « ادارة الصراع » و «
ادارة التوتر » من خال إنشاء « هياكل أمنية » مشتركة ؛
والمساهمة في خفض التوتر الذي سينسحب ايجابيا على
جميع دول وشعوب المنطقة .
لدي ايمان بأن تعقيد القضايا بين البلدين من العمق الذي
جعلني افكر بادارة التوتر وليس بإنهائه ؛ وترحيل « الإنهاء
» الى مرحلة لاحقة في حال نجح البلدان في تعزيز حالة
الثقة المطلوبة والتقليل من حالة التدافع الامني والسياسي
القصوى بينهما .
U2saleh@gmail.com

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *