وسام رشيد
شهدت محافظة النجف يوم الثلاثاء الماضي اجراءات امنية مشددة، واغلاقاً جزئياً لكثيرمن الشوارع الرئيسية والفرعية على مقربة من منطقة الحنانة، مقر اقامة زعيم التيارالصدري السيد مقتدى الصدر، على خلفية دعوة الدكتور ضرغام ماجد احد القياداتالبارزين في الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق منذ عام 2015.
وبعد جدل واسع شهدته الساحة الاحتجاجية حول قبول الدعوة ورفضها من قبلالمتظاهرين في محافظة النجف وخارجها، وبادر بعض الناشطون والمدونون على صفحاتالتواصل الاجتماعي الى تسجيل مواقفهم تجاه خطورة او ضرورة حضور متظاهرون منمختلف المحافظات العراقية الى النجف الى تسجيل مواقفهم السريعة بمسؤولية وثبات،في حين احجم البعض الكثير منهم عن تحديد رؤيته حول أهمية تثبيت موقف قد يُحسباو يُسجل بما لا يتلائم او يتماشى مع تطلعاتهم الشخصية والمصلحية.
ومن منطلق الحرص على ان لا تخلو هذه المناسبة من توثيق لهواجس الجماهير التيأصبح من الضروري ان تكون واضحة على المنصات الاعلامية المختلفة، فقد دوّن العديد منقادة الرأي في النجف وخارجها، ما يمكن اجماله في تقييم خطوة التظاهرة في الحنانة،وما استوجبته من ردود افعال مناهضة، وموافقة، وكما موضح في النقاط التالية:
–حق التظاهر والاحتجاج مكفول بموجب الدستور وقدم لأجله العراقيين تضحيات كبيرةغكفي زمن النظام المقبور، وما بعده من سلطة احتلال، وحكومات متعاقبة استمرتلعشرات السنين، وهو مكسب قانوني واخلاقي لا يمكن التراجع عنه.
–جميع الزعامات السياسية بكل العناوين والمسميات في العراق محل نقد طالما هم جزء منقيادة العملية السياسية، فالاعتراض على نائب تابع للكتلة الصدرية بزعامة السيد مقتدىالصدر يساوي اعتراضهم على فساد نائب اخر يتبع لكتلة دولة القانون، ويتحمل الزعيمانمسؤولية اخفاق النواب وتجوازهم، كما يحملان شارة الزهو بحال نجاحهم في تنفيذبرامج تطوير تخدم الشعب.
–اختلفنا مع التظاهرة لأن توقيتها يخدم جهة سياسية، فهي متزامنة مع عشية انعقادجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وان رد فعل سلبي او ايجابي سيكون بصالح الاطارالتنسيقي الذي يسعى لعرقلة عقد الجلسة، ومكانها الذي يحمل رمزية مقدسة لجمهورواسع من الصدرين، لكن الغالبية من المدونيم لم يختلفوا على التظاهرة لانها تعبّر عنضمير جماهير ضخمة هم شركائهم في ميادين الاحتجاج، ويحملون هموم المواطنينبحماسة، وقدموا لأجل ذلك تضحيات جسمية.
–بات في علم الجميع ان لكل من يعمل في السياسة أن هناك صنفان من الناس، الأوليسانده لارتباطه ايديولوجياً او مصلحياً معه، والآخر يعارضه ويتحين الفرص لنقده، ولايشعر بالامتنان له، وعليه ان يحترم الاثنان معاً، فالأول رفيقه والآخر شريكه ولا فضللأحدهما على الآخر.
–المبدأ لا يتجزأ، والمطالبة بحقوق الناس لا ترتبط بشخص أو اسم، بل هو منهج رسمتهدماء عزيزة، وسيظل محمياً بسواعد رجال وشباب لم تغرّهم أو تُثنيهم المحن والضغوط.
–لا يستطيع أحد ان ينكر أن الاخ ضرغام ماجد اكتسب شعبية ضخمة في اوساطالاحتجاج، وزعامة لعددٍ غير قليل من المؤيدين له، والمتعاطفين معه، وإن اختلف معهاخرون، فإن تأثيره يزداد كلما استمرت معاناة الناس وارتفعت، لذا لا يمكن تجاهله،والاستخفاف بقراراته، وعدم الاستماع لمطالبه التي تعبّر عن إرادة شعبية تشمل الغالبيةفي المجتمعات المحرومة.
–عبّر الكثير من الناشطين عن مساندتهم لحكومة أغلبية سياسية تتحمل مسؤولية البلاد،وهذا لا يتعارض مع ما نريد وضعه من أسس لمحاسبة الكتلة (او الكتل) التي ستشكلالحكومة، فلا داعي مطلقاً لوضعهم في زاوية حرجة، وعدم القدرة على التعبير المتناقضبين المبدأ والمسار الذي نعتقد بصحته.
–لا زال جمهور التيار الصدري يتعامل بروح الشراسة والتلويح بالقوة مع كل حدث اواحتكاك يقع بينهم وبين جماهير هي، أساسًا، شركائهم في الوطن، وميادين الحياة عامةًوربما المنطقة والقبيلة والعمل، وهو أمر غير مشجع من ناحية تقبل الآخر المختلف، ولعلمظاهر (التوثية) والفيديوات المنشورة توثق حجم الاستفزاز، والتحامل معاً.
–نأمل ان يبدأ عقد جديد تُقدس به حرية التعبير والاعتقاد، وتُصان به الأرواح وان تكونكرامة العراقي الخط الاحمر الاكثر تقديساً.
وكنتيجة حتمية لهذا الحراك، فانه يقع ضمن أولويات بناء منظومة ثقافية واعلاميةتؤسس لمنهج حقيقي للمحاسبة وفرض الرأي العام، المستخلص من مزاج شعبي عاصف،يتطلع لبناء دولة حقيقية.