حرب من اجل السلام…   د. كاظم المقدادي

حرب من اجل السلام… د. كاظم المقدادي

حرب من اجل السلام

في رواية  الحرب والسلامالتي كتبها الاديب والمفكر الروسي ليو تولستوي ، قبل وبعددخول نابيلون الى موسكو عام 1812 وعودته الى فرنسا ، من دون استسلام القيصر .. كان تولستوي يقارن بين حياة الترف التي عاشها القياصرة في قصورهم الفارهة قبلدخول نابليون ، وظروف الحرب التي عاشها الشعب الروسي ، لكن هذه المقارنة الواقعية ،لم تثني القياصرة من الاستمرار في حياتهم ، ولم تمنع البلاشفة من القيام بثورتهم ، ولمتمنع الستالينيين ايضا ، من الخوض في حروب ليست حروبهم .

في رواية / الحرب والسلام .. يوقفنا تولستوي في عبارات صاخبة و بليغة :

( الانسان بطبعه بربري دموي ، وان اردت احقاق السلام على الارض ، فعليك تبديل دماءالناس الى ماء ، وهذا لن يتم ) .

احد الفلاسفة  .. يعتقد ان  الحروب ضروية للبشر من اجل طرد الكسل و الملل ، وتنشيطالحياة ، والسعي ثانية لبناء ما تدمر ، دون كلل .

اليوم .. يلعب بوتين لعبة القياصرة ، ولعبة نابليون معا ، يحارب من اجل رفاهية وسلامةحكمه ، باحثا عن مجال حيوي لوطنه ، خوفا من وجود حلف النيتو على حدود بلاده .

وهكذا هي الانظمة القوية ، لا تكتفي بحدودها المعلنة ، بل تبحث عن مجالات حيوية درءاللمخاطر التي تواجهها .

بوتين الذي تخرج من دهاليز المخابرات الروسية ، شعر  ان اوكرانيا .. ربما ستصبح خنجرابيد امريكا والغرب ، فسارع  لاقتحامها بهدف تغيير النظام فيها ، وتشكيل حكومة ،ورئيس اوكراني لا يولي وجهه وجهة اخرى ، وتكون قبلته نحو روسيا العظمى .

الرئيس  الاوكراني الحالي ،  ممثل كوميدي ، كثيرا ما يخرج عن النص بامتياز .. اغلبالظن ، انه لم يقرأرواية الحرب  والسلامالتي تميزت بمرارة الحروب ، وكان عليه انيعرف ان الشعوب التي تحب الحياة ، وتجيد لعبة الفن والجمال ..لا تجيد لعبة الحربوالاذلال .. وان تجرأت ورفعت البندقية ، فالمأساة تنتظرها .. وهذا ما يخصل الان علىالارض الاوكرانية بحق شعب لا بستحق مثل هذه الحرب المدمرة والفضيعة .

ايام مرت على الغزو المخيف للجيش الروسي .. والوضع الانساني للمواطنين الاوكرانيينمحزن جدا .. بين قابع في انفاق المترو ، وبين هارب الى الحدود ، اطفال ونساء وشيوخ .

زيلينسكي ، ومن خلال شاشات العالم ، ظهر في وضع القائد الذي لا حول ولاقوة له .. صورته باهتة ومهزوزة ، فالممثل الذي يجيد ادوار المسرح ، لم يفلح بكتابة  سيناريو  الحرب ، وكان عليه ان يبقى محايدا بين جارته روسيا والغرب ، وان يبتعد عن لعبة التوريطالامريكي الاوربي .. لهذا  لم يظهر امام مواطنيه برجل الكون ، وظل يتحدث ويحارببتيشيريت كاكي اللون .

ليس هناك من وجه مقاربة .. بين الثعلب الروسي الماكر  بوتين ، وبين الحمل الوديع  زيلينسكي .. وفي تحليل سريع  لمضامين خطابات الرجلين .. نجد ان بوتين  يتحدث وهوالواثق من نفسه ، مصرا على موقفه ، لا يظهر  كثيرا ، ولا يتكلم الا عند الحاجة .. بينما نرىزيلينسكي مترددا ،  كثير الحديث ،  يطلب المساعدات من الغرب ، و يدعو بوتين للتفاوضمعه .. ثم يصل الامر به  الى مناشدة الشعوب الاوربية لمساعدته ، بعد ان مل من وعود  بايدن ، والزعماء الاوربيين الذين ورطوه في مواجهة بوتين .. بانتظار وجود قوة وهميةدرامية تنقذه في لحظة ما .. الامر الذي دعا  بوزير الخارجية الفرنسي ، ان يبعث برسالة  اطمئنان قائلا :

نحرص على سلامة الرئيس الاوكراني .. ونساعده على الخروج اذا لزم الامر .

والخروج هنا.. يعني الهروب من الدب الروسي الذي سيطر على  مجريات  القتال ، بسرعةقريبة من الخيال .

الثابت.. ان دبابات بوتين سوف لن تتوقف الا باستسلام كييف طوعا او كرها .

بقي لنا ان نقول .. عندما غزت امريكا العراق ، لاسباب واهية ، لم تحدث مثل هذه الضجةالغربية المفتعلة .

ان محاولة خنق الدول ، وغلق مجالها الحيوي ، وزرع  بجوارها من يعمل على انهاكها و  اضعافها ، سوف لن يمر بسلام ،،، فهل تتعظ  الدول المجاورة  للعراق من خطورة غلقالمجال الحيوي .. عند مياهه  الخليجية .

د كاظم المقدادي

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *