محمد عبد الجبار الشبوط
بصراحة سوف يزعل منها البعض، اقول انني لا اجد دعوة حضارية للاصلاح السياسيفي المشهد السياسي.
يجب ان تنطلق الدعوة الى الاصلاح السياسي من رؤية حضارية لبناء الدولة. وما لميتحقق ذلك، فالدعوة الى الاصلاح ادعاء، واستخدام للمصطلح الاصلاحي في غيرموضعه.
تُعرف الرؤية الحضارية لبناء الدولة بما يلي:
اولا، تؤمن ان الدولة يجب ان تبنى على اساس منظومة قيم عليا تنظم العلاقة التفاعليةبين عناصر المركب الحضاري بشكل يرفع انتاجية المجتمع، ويضمن العدالة، ويحققالرفاهية والرخاء والاستقرار والسلام.
ثانيا، تؤمن ان الدولة الحضارية تقوم على اساس المواطنة، كوحدة بناء، و كعلاقة مباشرةبين الفرد والدولة، بحيث تكون الاولوية للمواطن.
ثالثا، تؤمن بالديمقراطية كآلية لتداول السلطة، ولضمان مشاركة المواطن الايجابية فيالحياة السياسية على مختلف المستويات.
رابعا، تؤمن بان القانون هو العمود الفقري للدولة، بمثابة الهيكل العظمي للجسم، وانه لاحياة حضارية في حالة لا يسود فيها القانون، و المواطنون سواسية امام القانون.
خامسا، تؤمن ان المؤسسات في الدولة هي كالاعضاء السليمة في الجسم السليم، حيث لاوجود للدولة بدون هذه المؤسسات المستقرة والفاعلة.
وسادسا، تؤمن بان العلم الحديث هو الوسيلة الوحيدة لضمان استمرار تحديث الدولةومواكبة عصرها وصيانتها من تسرب التخلف اليها.
بدون مبالغة وتعسف، بدون هذه الشروط لا تكون الدعوة الى الاصلاح حضارية. قد تنفعفي معالجة هذا الجرح او تخفيف تلك المشكلة (وليس حلها بطبيعة الحال)، لكنها لا تمثلدعوة جادة للاصلاح.
قبل تقديم “الاقتراحات الاصلاحية” على صاحبها ان يطرح اولا رؤيته الحضارية لبناءالدولة، عند ذاك يصح الحديث معه رفضا او قبولا.