الفرقه الفنية الناجية
هنا انا لا اتحدث عن فرقه موسيقية او مسرحية او اي نوع من الفرق الغنيه المعروفه، انا اتحدث عن عن فرقة افتراضيه، بل فرضت نفسها على العالم باسره، كي تسيطر على السوق و على كل مفاصل الحياة.
هذه الفرقة قبل الحرب العالمية الثانيه بقليل، حيث درست و تفهمت طبيعة الانسان التواق ابدا الى المادة و الى كل الملذات و ركزت على الحواس الغريزية للانسان فقط، دون الاعتبار المسائل النفسية و الاخلاقية، هذه الفرقة هي التي اسست الى هوليوود و الى سوق الفن التشكيلي و غيرها من اسواق الفن.
ذكر اف س سوندرز في كتابه الشهير الذي ترجم الى اكثر من ٥٠ لغة ” الحرب الباردة الثقافية” ذكر هذا و بالتفصيل الممل، لكن سوندرز لم يذكر شيئًا عن هذه الفرقة الناجيه، ذكر و استطرد في كيفية جعل الفنان الاشهر في العالم و الاغلى اسعاره بيكاسو، ذكر كيف تمكنت السي اي اي، من التاثير على سوق الفن و استدراج فنانين و مثقفين كبار في تلك المرحلة، خصوصا ممن كانت لديهم ميول يساويه، ذكر سوندرز ان العد التصاعدي في خلق بؤرة ثقافية وهمية بعد الحرب العالمية الثانيه بدء، فمثلا استغلت السي اي اي الشاعر المعروف عالميا، بابلو نيرودا، وهو معروف لميوله اليسارية ، حين عاش في باريس و استدرجته الى فتح مجلة للشعر، يكون فيها نيرودا فقط رييس تحرير ينشر بها ما يشاء من الشعر و بكل الميول، يسارية كانت ام يمينيه، شرط ان تعطي الحرية للجميع في النشر، بهذه الصيغة استطاعت السي اي اي التاثير على كبار المثقفين و الفنانين و تجعل منهم ادوات بيد عامة الحضارة المعاصره ” نيويورك” فانتقلت من اوربا الوريث الذي راكم التقدم و بناء الحضارة الانسانية الى عاصمة يعرف الجميع كيف اسست و كيف طغت على العالم باسره.
لا اريد الاستطراد في موضوع الكتاب، لانه فعلا كتاب شيق و ممتع الى حد بعيد، لكني فقط اردت ذكر بعض من وثايق السي اي اي التي اوردها سوندرز في كتابه ” الحرب الباردة القافية” كي تنفع راي و تدعمة في مسالة الفرقه الفنيه الناجية.
فنانون كبار ضمن هذه الفرقه، فنانون لهم تاثير على الحركه الفنية العالميه بشكل عميق وواسع، لكن بعضهم، و لا ادري ان كان هذا البعض القليل قد ساد بطرق غير شرعية او شرعية او اي طريق ادخلتهم تاريخ الفن من اوسع ابوابه كما يقال.
ما يهمني هم الفنانون التشكيليون، فقد عرفنا الكثير من هولاء مثل مارك شاكال، و القايمة تطول ممن اثروا الحركه الفنيه التشكيلية في العالم، فهولاء لا حرج عليهم و لا اعتراض، و كذلك الذين عملوا في السينما و المسرح و باقي الفنون، لكن في الفن التشكيلي، وهو موضع النخبة المنتخبه، من بين الفنون، فلا احد من العامه، و “ليسمح لي الجميع بهذه التسميه” “العامه” لا يعرف الكثير بل الاغلبية الساحقة عن تطور الفن و كيفية قراءة عمل فني او حتى فهم بسيط لبعض الاتجاهات الفنيه، التجريد مثالا.
الفنان الاشهر بين الفنانين المعاصرين، و الذي لقب بملك البوب ارت، جاف كونز لا يعرف النحت و لا الرسم و لا اي شيء من هذا القبيل، الا انه النحات الامهر و الرسام و صانع الدمى الكبيرة الحجم و التفاحة الفضية و غيرها من الامور، و هو خريج ادارة اعمال، و كذلك دانيال شنابل الذي حصل على جوايز كثيره، و وصلت مبيعات اعماله الفنيه الى ملايين الدولارات، فمن اعماله انه ياخذ صورة فوتوغرافيه لمشهد او بناية قديمة يكبر هذه الصورة و بحجم كبير و يضع خط اخضر او اصفر او اي لون غير الاسود على طرف الصوره، كما يضع الناس خط اسود على ثورة متوفي.
اليوم وقد زرت متحف الفن في مدينتي التي اسكن فيها منذ ٣٢ سنة، تعرفت على “فنانه” من هذا النوع، لكنها توفيت سنة ٢٠٠٧ اسمها الكا سيسمان، هده الفنانة لفتت انتباهي الى كل هذا التاريخ الذي تحدثت عنه، الى كل اعمال السي اي اي في تتفية عقل الانسان، الى ربط عقل الانسان في الغرائز فقط، الاهتمام بالدماغ و العقل البشري ليس من اولويات السي اي اي بل بالعكس، عملوا حادين على تحطيم القيم الجماليه و الفكرية عند الانسان، لذا حبن ترى برنامجا تلفزيونيا او على قناة اليوتيوب من ام مواطنا امريكيا يجهل الكثير من الامور البسيطة في هذه الحياة، لا تستغرب، فانه المثال الارقى لنتاج الحضارة التي صنعها الامريكيون.
و ما الكا الا صناعة تافهه لهذا السوق الذي غزى الارض، لكن عجبي كيف يدخلوا هذه التفاهات في تاريخ الانسان، يدخلوه على انه فن راق، يدخلوه على انه الذي يجب ان ياخده الانسان كفن راق و يعتبر من تاريخ الفن.
الكا واحدة من عشرت الذين دخلوا عالم الفن، دخلوا تاريخ الفن، لا لشيء انما هم من الفرقة الناجيه.
امير الخطيب