علاء الخطيب
في صناعة الخبر ، يبحث الاعلاميون عن المثير وغير المألوف لجلب انتباه الناس ، حينمايقال ان ” كلباً عض انساناً فهذا امر طبيعي ، ولكن حينما نقول : انسان عض كلب ، فهذاخبر مثير ، لكنه غير مفيد وسطحي .
ما تقوم به بعض وسائل الاعلام العربي هو نقل الاخبار السطحية والساذجة ، وقد تصنعرأياً سلبياً في كثير من الاحيان .
ادهم النابلسي شاب اردني وصل الى المراحل النهائية في مسابقةٍ غنائية “أكسفاكتور” ، واصبح نجماً بين ليلةٍ وضحاها على طريقة صناعة النجوم في هذه الايام ، إلاان النابلسي ارتأى ان يعتزل الغناء ويسلك الطريق الديني ، كما فعل زميله” فضل شاكر ” الذي انخرط في تنظيم متشدد ، وبقدرة قادر رجع مرةً اخرى
أدهم النابلسي اصبح من رواد المسجد ، وراح يستخدم صوته في الأذان ، فصار اذانهخبراً ، باعتباره غير مألوف ومثير .
احد رجال الدين قال: الحمد لله على الهداية ويتابع ” في كثير ناس فخورين بك ”
واخر يقول : ” من حُسن حظنا ادهم النابلسي يؤذن لنا ”
وثالث منتشٍ بقوله ” الله يبارك له صوت جميل ”
وتراجعت قدسية الصلاة على حساب الصوت الجميل
وكأن الصلاة قضية شكلية وليست عبادة .
من جانب اخر اذان النابلسي عكس العلاقة الملتبسة التي يصورها رجال الكهنوت ، بينالفن والدين ، ويصوروا الدين بانه رافض للفن والجمال ، وان الفنانين اشخاص بعيدونعن الدين، ولا علاقة لهم برب العالمين، او ربما يصفهم البعض بالملحدين، باعتبارهمعلمانيون .
جدلية العلمانية والدين ،خلقها رجال الدين ، حينما صوروا ان العلمانية ضد الدين، وكلمايتصل بالعلمانية هو بالضرورة يعادي الدين .
هذه الفرضية يراد منها استدرار عواطف السذج ، ليبقى الذين يعتاشون على الدينيمتصون قوت الفقراء.
هذا التناول “الديني” للعلمانية يعكس منهجية متعصبة محسومة النتائج حتى قبلالشروع في عملية التحليل والتأصيل، أو حتى اعطاء فرصة للاخرين بالتعرف علىالعلمانية باعتبارها وجه من اوجه ” المدنيِّة “ التي لا ترفض الدين كمنظومة قيَّميَّةاجتماعية بل ترفض تدخل رجال الدين في السياسة ، كما ترفض تدخل رجال العسكر .
الصراع الذي يصطنعه البعض بين الدين والعلمانية هو صراع الاضداد غير المتناظرة،الذي سيكون الغلبة في هذا الصراع في مجتمعات تقديس المقدس للدين طبعاً .
بينما الحقيقة ان ليس هناك ثمة صراع بين الدين والعلمانية بل هو صراع بين رجال الدينوالعلمانية .
فمشهد اذان ادهم النابلسي الذي تناقلته مواقع التواصل ، اعتبره البعض انتصار للدينعلى العلمانية ، كما يعتقد البعض ان اقامة حفلات او مسرحيات او ما يمت للفن بصله هوانتصار للعلمانية على الدين، لكن الواقع يقول ان الامرين أي ” العلمانية والدين ” يغذيانالروح ، فلا انتصار ولا خسارة ولا صراع و لا نزاع ، بل هو التكامل .