السعودية والعراق علاقات الجغرافيا والتاريخ / عارف العضيلة

السعودية والعراق علاقات الجغرافيا والتاريخ / عارف العضيلة

**شمال شرق

*عارف العضيلة

كانت الإتفاقيات الاقتصادية الموقعة الأسبوع الماضي والتي شهدها وأشرف عليها بشكلمباشر وزير التجارة السعودي ماجد القصبي والأمين العام لمجلس الوزراء العراقيالدكتور حميد الغزي. ضمن فعاليات مجلس الأعمال السعوديالعراقي المنعقد فيالرياض .. كانت هذه هي الخطوة التنفيذية الأهم في دعم مسيرة العمل المشترك بينالقطريين العربيين الشقيقين .. لتصل إلى المكانة العالية والرفيعة على المستويات كافة .. تحقيقاً لأمال وتطلعات الشعبيين والأمة العربية .. وتجسيداً للعلاقات التاريخيةوالإستراتيجية الضاربة في عمق التاريخ بين الشعبين والقيادتين ..

وبإستعراض سريع للعلاقات السعوديةالعراقية نلحظ وبوضوح الإمتداد الجغرافيالإستراتيجي بين منطقة نجد وسط السعودية وبين العراق خاصة المناطق الجنوبيةوخاصة البصرة والزبير ..

فكانت علاقة الجغرافيا والتاريخ والتي تفوق كثيراً العلاقات السياسية والدبلوماسية .. بلإن هذه العلاقات أكبر من الساسة نفسهم ..

فنشأت علاقات ثقافية وإجتماعية وإقتصادية .. بل وأستوطن عدد كبير جداً منالسعوديين في العراق وخاصة في مدينة الزبير وشكلوا ثقل ثقافي وإقتصادي ضمنالعراق المزدهر بالحراك الثقافي والإقتصادي .. وما زال طائفة من السعوديين يسمون((الزبيريون)) نسبة إلى مدينة الزبير العراقية بسبب نشأتهم وأهلهم وأعمالهم المتعددةفي مدينة الزبير .. وما تزال الزبير تذكر الأسر النجدية التي كانت جزءاً هاماً منها ..

وعلى الصعيد القبلي والذي هو مكون رئيسي وهام وكبير من الشعبين السعوديوالعراقي .. فنكتشف أن قبائل العراق إمتدادها وجذورها ضمن القبائل السعودية .. والإنتماءات والمصاهرة والعلاقات لم تنقطع بين هذه القبائل العربية الأصيلة والحراكوالتواصل بين أبناء هذه القبائل مستمر رغم المتغيرات والتبدلات السياسية المتعددةوالكبيرة ..

نقول أن أي سياسي حين يجد هذه الثوابت والمعطيات في العلاقات المتميزة جداً فحتماًسيعرف أن العلاقات السعوديةالعراقية. أكبر بكثير من الساسة. ويجب على الساسة أنيكفوا الظروف للتعامل مع هذه الواقع.

ورغم نسيج الروابط الاجتماعية المنصهرة تماماً والتي لم تنقطع مطلقاً ..إلا إن المتغيراتالسياسية كان لها حضورها في هذا الجانب الذي قوى كثيراً العلاقات بين الشعبيين .. فكانت العلاقات السياسية والدبلوماسية. وكانت جهود وخطوات العمل العربي المشتركبين الجانبيين .. عززها أيضاً الجوار والتاريخ المشترك وكون الدولتين عضوان في جامعةالدول العربية وبعض المنظمات الدولية والإقليمية.

رغم إن نشأة العلاقات بين الشعبيين قديمة جداً إلا أنه على المستوى السياسي لقد تكونتالعلاقات السياسية في بدايتها في ظل حكم أسرة الأشراف للعراق.

أستمرت العلاقات في تحسن مستمر بعد الثورة وبعد الثورات المتلاحقة والمتعاقبة علىالعراق ..

وكانت العلاقات الاقتصادية في أوج قوتها .. وكانت المعارض والملتقيات والأسابيعالثقافية والإعلامية تنعقد بإستمرار والزيارات الرسمية بين القادة وكبار المسؤولين فيحالة من النشاط المستمر .. وأوجهه ومجالات التعاون أكثر من أن تحصى ..

ويسبب تداعيات الثاني من أب أغسطس 1990م .. ورغم إنقطاع العلاقات الدبلوماسيةوالسياسية إلا أن أوجهه التفاهم والتعاون لم تنقطع. لأنه كما أسلفنا العلاقات بين البلديينأكبر من الساسة والدبلوماسية.

نتذكر على سبيل المثال الوفد الإقتصادي السعودي الزائر للعراق مطلع الألفية ونتذكرالموقف العراقي بإستضافة المسافرين على الطائرة السعودية المخطوفة  عام 2000موحسن إكرامهم والرعاية التي شملوا بها .. ووداعهم بكل حفاوة .. رغم عدم وجود علاقاتدبلوماسية.

ومؤخراً أستشعر الساسة إن المرحلة تقتضي عمل جاد ودؤوب ومخلص لتتويج علاقاتالتاريخ والجغرافيا بعلاقات دبلوماسية متينة وقوية وشديدة الأركان والبنيان ..

فتمت اللقاءات والتفاهمات بين كبار قادة وساسة القطريين الشقيقيين .. وتجسدت بلجنةعليا .. تتولى تحويل الإتفاقيات والتفاهمات إلى خطوات تنفيذية. تعطى نتائج إيجابيةللشعبيين الشقيقين ..

وبكل تأكيد لا يستطيع العراق وهو الضارب جذوره بحضارة عريقة تمتد إلى ألالافالسنين الإستغناء عن السعودية ذات النقل السياسي والإقتصادي العالمي ..

وكذلك السعودية لا تستطيع الإستغناء علن الشقيقة العراقي.

إذا فضرورة التعاون والتجانس ضروري .. ومهم جداً في هذه المرحلة تحديداً.

تغير الكثير خلال الفترة الزمنية القليلة الماضية .. في جانب العلاقات الثنائية .. فكانالعراق هو ضيف الشرف في معرض الرياض الدولي للكتاب. الذي تنظمه الحكومةالسعودية. وبالمناسبة فهو يصنف من أهم معارض الكتب في العالم ..

وتمت خطوات ثقافية مشتركة تنم عن الرغبة الأكيدة والصادقة .. ليكون (العراقيسعودي والسعودي عراقي) كما كان منذ القدم.

فجزء كبير من المكون الشعبي العراقي يرتبط إجتماعياً بالسعودية وجزء من المكونالشعبي السعودي ينتمي للعراق .. لأرض العراق وشعب العراق ..

وحتماً ما حدث في الأسبوع المنصرم هو مبشر خير كبير .. وسيعقبه لقاءات في بغداد .. وفي الرياض .. وصولاً للغاية السامية وهي علاقات سعودية عراقية أكثر تميزاً وأكثرإنسجاماً ..

كاتب سعوديالرئيس التنفيذي لدار مصار للدراسات والأبحاث الإعلامية

للتواصل تويتر / @msader16

(Visited 125 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *