كيف تواجه المرأة القيادية العنف والاقصاء؟
مريم ماجد /بغداد
“تعرضت للعنف عدة مرات أولها كُلفت بإدارة قسم في المؤسسة الحكومية واول يوماستلامي المنصب رفض أحد الموظفين البقاء في قسم تقوده امرأة وشكَل ذلك صدمة لي فلميُنظر لكفاءتي بل للنوع الاجتماعي تجاهلت الموضوع للمضي بسلام”، هكذا تحدثتد.نور سعد
قياديات يواجهن العنف النفسي
الاكاديمية زينب الاسدي تشير ” هناك صراع في الادوار بين المرأة والرجل عبر تاريخالإنسانية ومنذ فجر الحضارة بدأ الصراع المرير بين المرأة والرجل من جهة وبين المرأةوقرينتها والمجتمع من جهة أخرى، فأبيدت قياديات عظيمات من النساء جراء العنفواستمر الصراع الى وقتنا الحاضر، مازلنا نعاني من العنف رغم كل الدعوات والندواتالمقامة للتوعية ضد العنف، والسبب يعود إلى ان أغلب الأصوات التي تستصرخ بارئهاوتضج بأصواتها هي من تعنف المرأة القيادية”.
الموظفة د.عاصفة موسى تشير ” ان العنف ليس بالضرورة ان يكون جسدياً او لفظياً،باعتقادي ان مجرد محاربة المرأة ومنافستها بشكل غير شريف يعد عنفا نفسياً ومحاولةلكبح حماسها وتثبيط عزيمتها، والتأثير في ادائها وحدث لي عندما استلمت منصبين،الاول مديرة المكتب الاعلامي في وزارة الشباب والرياضة والثانية متحدثة رسمية بأسمأحدى المؤسسات الحكومية، وكنت متصدية لكل حملات التسقيط التي كانت تتعرض لهاالوزارة لأسباب سياسية او بقصد الابتزاز ولكوني امرأة ، وجدت نفسي امام استهدافمباشر وصل حد التشهير والطعن بسمعتي وصل الى انشاء صفحة على الفيس باسميوفيها صوري تم جمعها من مواقع الكترونية ونشرت منشورات باسمي تشتم الشخصياتالسياسية بل والاساءة الى المراجع الدينية، فقد عرضوا حياتي لخطر القتل والتصفيةوكانت تجربة قاسية” ،
وتضيف “تجربتي عندما توليت منصب مدير عام إذ استشعرت محاربتي من قبل زملاءلي وصلت الى درجة التقليل من عملي امام المسؤول الاعلى الذي كان أكثر نضجا ومقدرالإدارتي ولنجاحي، لكن ومع التغيير الوزاري وبدء توزيع المناصب العليا ولم يتم ترشيحيلها، والسبب لأنني امرأة ومستقلة، وهذا حقيقة زادني شرفاً وثقة بنفسي رغم عدم تمكنيمن إنهاء ما بدأت به”.
ويشير الاكاديمي د.كاظم عيدان الى ان “العنف الوظيفي مستمر ويتكرر يعرّف مسبباتهفالبعض يتخذ العنف آلية لإخضاع النساء سواء كانت شخصية قيادية أو غير قيادية، فقدينشأ هذا العنف من شعور بالاستحقاق أو التفوق أو قبول المفاهيم الذكورية المرتبطةبهيمنة الرجال ومنحهم حق السيطرة على تصرفات النساء أو تستند على ارث المعاييرالاجتماعية والمعتقدات لذا تعد المعايير السلبية منها من أقوى العوامل التي تؤدّي إلى عدمالمساواة بين الرجل والمرأة فهذه الصورة النمطية من الصعب تغييرها بسبب نكوصمجتمعاتنا لضغوط الاعراف والتقاليد والتي تعد قيداً من الصعب التحرر منه”.
تحديات تطارد القياديات
الموظفة د.نور سعد تبين “مثلت المؤسسة في عدة محافل محلية ودولية ، لديَ خبرات فيمجالات التعاقدات والادارة المالية، وبدأت اناقش هنا واعترض هناك على الخلل وهدرالاموال العامة، وبعدها بدأت حملات العنف الممنهج ضدي ووجهت لي تهم كيدية ولم تثبتالتحقيقات شيء ضدي وحتى لم توجه لي عقوبة، وبعدها تمت مساومتي اما بالخضوعلأوامر الادارة العليا وتمشية العمل بإخطائه او اعفائي من منصبي وما كان مني الا اناختار الاعفاء والتزاماً لمهنيتي حتى تم انهاء تكليفي بإدارة القسم ونقلي الى قسم(مهمش)، وتعرضت لمضايقات من الزملاء/ت لكوني امرأة واحمل شهادة عليا ، وتضيف“وجدت نفسي في قسم تديره سيدة لها من الخدمة الوظيفية حوالي الـ18عاما لتبدأمرحلة استهداف جديدة لي من قبلها ومن موظفيها/ت والذي يستفزهم وجود امرأة قياديةتعرضت لشتى أنواع التنمر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبات هاجس المديرة ابعاديعن القسم، ونسج شائعات ضدي، وتطلب مني النقل الى دائرة اخرى كوني كفاءة ولم اعتدعلى الجلوس بدون عمل، وما كان مني الى ان والتزم الصمت تارة واجيب بهدوء وبرودتارة اخرى الا ان محاولاتي هذه باءت بالفشل، واصبحت المشاكل تطاردني فقط لأنني امرأةناجحة”.
موسى تُبين “أكثر ما يميز المرأة القيادية هو المواجهة، مواجهة اي مشكلة والتعاطي معهاوالدفاع عن نفسها واذا اضطر الامر ووجدت ان الابواب اوصدت امامها، تشتكي، طبعا فيغالب الأحيان تواجه بمفردها دون ان تكل او تمل، ودون ان تتخلى عن قيمها ومبادئها فهماسلاحها في مواجهة من يريد لها سوءً”.
عيدان يشير “زيادة ظاهرة العنف الوظيفي ضد النساء القياديات يؤدي الى تأثيراتسلبية ذهنياً وجسدياً على المرأة وينعكس على القدرة على الالتزام الكافي بالوظيفة نظراًللعوامل النفسية والجسدية المتضرّرة، فضلاً عن الظاهرة قد تؤدي الى اشكال متعددة منالعنف في السلوك وبالتالي زيادة التوتر والاحتقان الذي قد تشكله الظاهرة وقد تتحولإلى اتجاهات أو سلوكيات غير مرغوبة تُفقد المرأة ثقتها بنفسها التي أساس الوجود ويعدهذا الشكل الأكثر انتشاراً من بين الأشكال الأخرى للعنف”.
أثر التسقيط على العمل القيادي
توضح الاسدي “أخشى ان ظاهرة العنف ضد القياديات قد تشكل (فوبيا) عن طريق أثارةالخوف في نفوس النساء لبقاء المرأة في بيتها لتربية ابنائها فقط، بدل من ان يخترن انيخرجن بحثاً عن العمل وتولي مناصب في المجتمع لإيصال الرسالة السامية للإنسانية،مما يؤدي إلى انتشار الجهل والتخلف في المجتمع”.
قالت موسى ” ما نتعرض له من محاربة ومنافسة غير مشروعة، وبقدر ما يسبب ذلك منوضع نفسي معين، لكن المرأة ذات الشخصية القوية تخرج من كل تجربة اقوى من السابق،وعادة يتم التعرض والخشية من النساء القياديات اللواتي يتمتعن بشخصية قويةوحضور مميز وسرعة بديهية وقدرة على المواجهة والنقاش
احيانا العنف يؤثر ويثبط بعض القياديات، بدليل هناك اعداد كبيرة من النساء ترغببالترشح للعمل السياسي، لكنهن يخشين التسقيط والعنف بكل اشكاله الجسدي واللفظيوالنفسي، فينزوَن بعيدا عن السياسة”.
المرأة عدوة نفسها
تشير الاسدي ” عنف النساء ضد النساء أمر طبيعي ولا بد منه خاصة المرأة الناجحةوالمؤثرة في المجتمع، والسبب يعود الى عدم امتلاك المرأة التي تعنف المرأة القدرة علىاثبات وجودها وضعفها في قيادة أفكارها وأهدافها وعدم التنظيم والتخطيط القيادي، ممايدفعها إلى التسقيط والتشكيك بالمقابل ظنا منها أنها قد تضعفها او توقف من حماسهاوبعض النساء ممن تعاني أمراض نفسية وتكره حب الخير للآخرين مما يدفعها إلىتعنيف المقابل بشتى الوسائل المتاحة لها”.
موسى توضح “المرأة عدوة نفسها للأسف هذه ظاهرة موجودة، بعض الموظفات يفضلن انيكون المسؤول رجلاً، ويظهر ذلك اثناء تعاطيهن مع العمل الوظيفي، بل البعض منهنيشاركن بتعمد او بدون وعي في محاربة المرأة القيادية وفي حملات تسقيطها هكذا الحالفي المؤسسات الحكومية وينعكس على الوضع السياسي فأغلب النساء لا يمنحناصواتهن لامرأة مرشحة، اما د.نور سعد فتذهب الى القول “لا أؤمن بأن المرأة عدوة نفسهابل توجد شخصيات ترفض النجاح لكلا الجنسين فهناك شخصيات غير داعمة وهذهسمات تتعلق بالشخصية اكثر من تعلقها بجنس الافراد، وينبغي ان لا نكرس لثقافة ترىان المرأة عدو نفسها فالمرأة اليوم بأمس الحاجة لدعم بنات جنسها للمضي باستردادالحقوق والحريات المسلوبة في مجتمعنا”.
ظاهرة دخيلة
مدير قسم في مؤسسة حكومية د.حيدر الهاشمي يقول “إن ظاهرة العنف ضد القياداتالنسوية في المؤسسات الحكومية، تعد ظاهرة دخيلة على المجتمع العراقي حيث بدأتملامحها بعد عام ٢٠٠٣ اذ تغيرت القيم الإنسانية في المجتمع وضعفت نتيجة ضعفالدولة والاجهزة الرقابية وكذلك ظهور جماعات مسلحة، وكذلك ظهور جماعات تتبنىالعنف كمنهج عمل لها، فضلا عن ذلك ضعف الروابط الاسرية ومن أهم الإجراءات التي تحدمن الظاهرة منها تقوية الأجهزة الأمنية، تنشيط دور الشرطة المجتمعية، العمل الجاد علىنشر الوعي الثقافي وإقامة المؤتمرات والندوات والورش فضلاً عن العمل على إصدارالصحف والمجلات التي تسهم بنشر الوعي والحد من ظاهرة العنف ضد المرأة”.
ويؤكد عيدان “العنف ضد المرأة ظاهرة قديمة لها تاريخ ويعد أكثر انتهاكات حقوقالإنسان انتشاراً واستمراراً ومع كل تلك الضغوط فالمرأة ارتقت تخصصاتها وازدهرتمكانتها العلمية والتعليمية في العديد من المجالات الإنتاجية، وعلى وجه الخصوص المرأةالعراقية فقد شاركت في صنع القرار وشغلت مناصب مهمة ووضعت الأسس والقوانينوالأفكار التي على ضوئها اسهمت في تغيير المجتمع والارتقاء به ويمكن أن يحدث العنفضد المرأة في مجالات الحياة العامة والخاصة”.
اما الاسدي فتضيف “ان اسباب العنف يمكن ارجاعها خوفاً من مكانة المرأة وصوتهاالمدوي الذي يشكل خطراً عليهم هذا الصوت الثائر والمؤثر الذي من شأنه تغيير أمموشعوب وبث النور بين جحافل الظلمة، ذاك الخوف من المرأة ومن إعطائها حقها ادى إلىابتكار حيل جديدة بالتعنيف تحت مسميات وقوانين مثل عدم امتلاك مؤهلات دونالافصاح عن تلك المؤهلات وإصدار احكام بحقها دون معرفة نص تلك القوانين او إصدارأمر منع في مجال ما لأسباب مجهولة، ولا يحق لكِ معرفة التفاصيل كل ما عليكِ فعله هوالامتثال لكل تلك الاساليب المتخذة بحقك وكلها تصب في منع المرأة من أخذ دورها القيادياو حتى قيادة أفكارها في كل شيء أصبح محتكراً عليها خوفاً من كشف الحقيقة التي لابدمنها”.
العنف مرهون بوعي المجتمع
سعد تقول ” كلما ارتقى المجتمع كلما انعكس ذلك على وضع المرأة بالمجتمع وساهم فيتطورها والحد من ممارسة العنف ضدها ويتطلب ذلك التغيير في السياسات الاجتماعيةوالقوانين التي تحفظ حقوقها وحرياتها لتحقيق التنمية الاجتماعية”، اما الاسدي فتوضح ” كل تلك الطرق والأساليب الوحشية من تعنيف وتهميش مكانتها ودورها مازادها الا قوة وعزما واصراراً في عملها، وتقديم الأفضل الذي يليق بها فهي صانعة النجاحوالابداع، اينما حلت يحل معها النجاح وتحاول جاهدة في إثبات وجودها وتتلقىالصدمات والانكسارات بثغرها الباسم وحبها للحياة ، تسعى لخلق مجتمع راقٍ بالعلموالمعرفة فالمرأة كل المجتمع وليس نصفه ولا يمكن بأي شكل من الأشكال طمس دورها فليسللغربال ان يحجب نور الشمس”.
عيدان يؤكد “المطلوب السعي لتوعية المجتمع حول دور المرأة في المجتمع وأهميتها، ومنغير المسموح أن يمارس عليها أفعال جائرة من العنف بصفتها إنسانة قيادية لها ما للرجلمن حقوق، وعليها ما عليه من واجبات، وشرح نظرة الأديان للمرأة وتقديرهم لها, والسعيلنشر ثقافة التعليم كي تصبح صاحبة علم ومثقفة وصاحبة استقلال مادي وفكري، ويجبمعاقبة من يحرمها منه وما كان لها تحقيق الإنجازات من دون الدعم والتشجيع المتواصلللمرأة بالارتقاء وتنمية مهاراتها والارتكاز على قواعد إيجابية راسخة”.·