د. احمد سلمان المشتت
اصل كلمة فايروس من اللاتينية وتعني السم القاتل. فايروس كورونا المستجد هذاالتوصيف بجدارة.
حتى الان اصاب الكوفيد ١٩ ، ٢٤٢ مليون شخص واعداد الوفيات تقترب من الخمسةملايين حالة.
الكوفيد ١٩ سيبقى حاضرا وبقوة في حياتنا مهما تجاهلناه او اوهمنا انفسنا انهسيختفي قريبا.
انظر الى التشابه بين فايروس الانفلونزا وفايروس الكورونا وستعرف ان الكوفيد ١٩موجود ليبقى.
فايروس كورونا المستجد يتركب بالاساس من الحامض النووي الرايبوزي RNA مثلفايروس الانفلونزا مع اختلاف البروتينات الموجودة على سطح الفايروس.
و كلاهما من الفيروسات التنفسية التي قد تختلف في درجة مخاطرها، ولكنها تنتقلبنفس الطريقة، ويحدث الانتقال المعدي إما على شكل قطرات أو يكون في الهواءبطبيعته، وينتشر فايروس كورونا المستجد والإنفلونزا من خلال قطرات كبيرة وهذايسبب عدوى في مسار الجهاز التنفسي إما مباشرة عن طريق الاتصال أو من خلالسطح ملوث.
ظهر وباء الإنفلونزا لأول مرة عام ١١٧٣ م في أوروبا، وفي عام ١٤٩٣ تفشى وضربالسكان الأصليين (الهنود الحمر ). ويعتقد أن هذا الوباء هو مرض انفلونزا الخنازيروتوجد بعض الأدلة على أن مصدر تلك العدوى هو الخنازير التي كانت على متن سفنكريستوفر كولومبوس الذي ينسب اليه اكتشاف العالم الجديد ( امريكا).
و في الفترة بين ١٥٥٧ و ١٥٥٩ ظهر وباء إنفلونزا في إنجلترا وراح ضحيته خمسة بالمئةمن عدد السكان . وكان معدل الوفيات تقريبا خمسة أضعاف وباء الانفلونزا عام ١٩١٨. سبب بقاء فايروس الانفلونزا الموسمي الى الان هو قدرته على التحور باستمرار مثلمايفعل فايروس الكورونا المستجد بكفاءة عالية.
لقد تحول فايروس الانفلونزا على مستوى الجائحة إلى مجرد إنفلونزا موسمية أخرى.
وهذا هو الاختلاف الجوهري بين فايروس الانفلونزا وفايروس كورونا المستجد والذيلانعرف الى الان فيما اذا سيكون موسميا ام انه سيظل يعصف بنا كلما طاب له ذلك.
نحن على اعتاب الموجة الرابعة في بريطانيا وفي العراق وفي دول اخرى كثيرة.
الشتاء الذي اقبل سريعا سيحمل معه مخاضا عسيرا. الشتاء يعني اننا سنحشر فياماكن مغلقة طوال الوقت ومع غياب اية اجراءات وقائية صارمة سنمنح الفايروس فرصةاكبر لان يسجل موجة جديدة.
عمليات التطعيم التي بدأت مبكرا هذا العام وقللت بشكل فعال من تاثير الموجة الثالثةبحاجة الى تعزيز فعاليتها بجرعة ثالثة لان البيانات تؤكد ان الاستجابة المناعية قدتنخفض بشكل ملحوظ بعد ٦ اشهر.
علينا ان نعيد العزف على نفس الوتر مرة اخرى وبدون تردد وبحماس اكبر : وتر اللقاح.
اللقاح ينقذ الحياة.
اعطاء الجرعة التعزيزية الثالثة باتَ أمرٌ ملحاً للحد من تاثير الموجة المقبلة وكذلك ارتداءالكمامة والابتعاد عن الاماكن المكتظة بالبشر.
ان لم نعطي الاشخاص الذين اخذوا جرعتي اللقاح في بداية هذا العام ( ٦ اشهر منالجرعة الثانية هي المدة المحددة) جرعة ثالثة فكأننا نخذلهم ونتركهم في منتصفالعاصفة.
هذا امر ملح ويجب ان تاخذ الهيئات الصحية في اي بلد قراراً واضحا بشأنه.
في بلد مثل العراق مازالت عملية التطعيم فيه بائسة كانتخاباته لايمكن ان ننتظر حتىيتم اعطاء الاغلبية جرعة واحدة من اللقاح اذا كان التردد مازال هو ملك الساحة. علينا اننفكر بحماية الذين لم يترددوا باخذ اللقاح بنفس الاهمية ونعزز استجابتهم المناعيةبجرعة ثالثة.
وسيلعب تطعيم الاطفال ( ١٢–١٦) عاما دورا كبيرا في الحد من تفشي الفايروس.
وهناك دراسات عن اعطاء اللقاح لمن هم فوق السن الخامسة.
نحن في طور الانتقال بالكوفيد ١٩ من جائحة الى مرض متوطن وهذا يعني انناسنتخلص في المستقبل من اجراءات الطوارئ وسنتجه الى الاعتماد كليا على دوراللقاحات في السيطرة على تفشي المرض والتركيز على بناء مناعة مجتمعية فعالةوادامتها بالجرعات المعززة.
الانسان اثبت عبر التاريخ انه يستطيع ان يتأقلم مع الكوارث الوبائية وهناك شواهدلاتقبل الشك مثل انتصاره على اوبئة الحصبة والجدري رغم ماسببته من كوارثوضحايا.
التنبؤ بما سنراه في الاعوام القادمة وكيف سنعيش مع فايروس كورونا المستجد صعبللغاية ولكن التهيؤ له ممكن وهذا الممكن هو الذي سيحدد قدرة الانسان على مواجهةالمستقبل وتحدياته.
وكما يقول ابن سينا الحكيم والفيلسوف:
امشِ في الصنادل حتى تمنحك الحكمة أحذية.