علاء الخطيب
تطور لافت في العمل السياسي العربي يتصدره العراق ، ففي سابقة تسجل لابناءالرافدين هي تأسيس جبهة معارضة حقيقية داخل الوطن وفي بغداد ، معارضة علنية ،غير خائفة ولا متلددة ، معارضة بصوت عال ٍ ، تقف بوجه السلطة بتحدٍ كبير.
معارضة غيرت عناصر الصراع بين السلطة والمعارضة ، وكما تعودنا عليه هو التعسف ،والعنف المضاد ،
كانت السلطات تمارس السجن او الاعدام او التشريد او الحرمان من الحقوق بحقالمعارضين ، وكان المعارضون يمارسون الكفاح المسلح ، كسبيل وحيد لمواجهة سلطويةالحاكم .
إلا اننا نشهد
ان هذين العنصرين غائبين في مشهد السلطة والمعارضة فلا بطش وتعسف السلطة ، ولا عنف المعارضة.
الطرفان يؤمنان بالوطن ، لكنهما يختلفان في الرؤية ، والبرنامج السياسي .
تجربة المعارضة من الداخل تجربة جديدة في عالمنا العربي ، ولعلها اولى التجاربالسياسية المعارضة في تاريخنا الحديث ، تجربة تستحق التأمل ، وهي خطوة ستبنىعليها خطوات، وستراكمها التجارب والزمن .
تعد خطوة تأسيس معارضة من الداخل قفزة في العمل السياسي، وخطوة مهمة لتكريسمفهوم ان السياسة ليست من اجل السلطة بل من اجل الوطن.
وما دام الوطن هو القاسم المشترك بين ابنائه فلا ضير ان نختلف فيه ، ولكننا لا نختلفعليه.
ما يميز المعارضة الجديدة انها تشكلت نتيجة ضرورة وحاجة وليس ترفاً سياسياً اوهوساً سلطوياً ، كما انها خليط من قوى شعبية مختلفة بعيدة عن الطائفية .
وجاءت كثمرة من ثمار الحراك التشريني
تبلور في خطوة حضارية وتنافس متحضر .
المعارضة من الداخل مشروع يمثل عقد اجتماعي جديد و صورة جميلة للوعيالسياسي ، يطرح برنامجاً يعتمد على المواطنة كاساس في التعامل مع العراقيين كافة،بغض النظر عن انتمائهم المذهبي والديني والقومي .
وهذا يعني توحيد الهوية الوطنية على اساس الانتماء . يقول القائمون عليه انهمشروع ازاحة للوجوه السياسية القديمة ، ربما بكون كذلك ولكنه في الحقيقة ازاحةللمفاهيم البالية ، ازاحة للهويات الفرعية ، ازاحة للادران الماضية ، ازاحة للمحاصصةولمبدأ المكونات المقيت.
لا تخلوا استراتيجة المعارضة وبرنامجها المطروح من الهفوات والسلبيات. وهذا طبيعيفي اي عمل ، لكنه في الوقت ذاته يمنح القائمين مساحة للتأمل والاصلاح وتقويمالتجربة .
اربعون كياناً سياسيا هم القاعدة التي شكلت هذه الجبهة كما يقول الصديق باسمالشيخ الناطق الرسمي باسم تجمع المعارضة ، كما كشف إن “الكيانات جاهزة لخوضأولى التجارب العراقية المعارضة لشكل النظام الحالي، وطريقة إدارة الدولة منذ العام2003″.
وأوضح الشيخ أن “من أهم أولويات التجمع التأكيد على الهوية الوطنية الجامعةللعراقيين،
الرفض القاطع لسياسة المحاصصة والتفرد بالقرارات والتحكم بالسلطة .
تضم جبهة المعارضة العديد من القوى السياسية والوطنية، إضافة إلى ناشطين منمنظمات المجتمع المدني والحقوقيين ووجهاء في عشائر عراقية مساندة للتغييروالإصلاح في البلاد. كما أن العديد من أسر ذوي ضحايا الاحتجاجات هم من المشاركينالفاعلين في هذا التوجه“.
لا زال مشروع المعارضة مشروعاً غضاً فتياً. يحتاج الى فترة كي ينضج اكثر ويتبلور فيرؤى واضحة وبرنامج سياسي متكامل، يشمل كل نواحي الحياة وليس فقط التغييرالسياسي واستبدال الوجوه ، فالعراق يحتاج الى مشروع دولة يخرجه من ازماتهالمتنوعة والمتعددة .