بقلم: عبدالله فيصل باصريح
رواية عقرون94 للروائي الحضرمي عمار باطويل. رواية عقرون رواية حضرمية تنبع أحداثها من وادي عقرون، تتكون الرواية من ثلاثة عشر فصلًا. توزعت أحداثها بين الحب والكراهية، والمُعاناة والرفاهية، كانت الرواية تسلط الأضواء على العيش تحت وطأة الحرب، وكيف تصبح الحياة ممزوجة برائحة البارود، وتناول لقمة العيش بنكهة الذل والهوان. وانقسام الشعب إلى فريقين. هناك من يضع راسه ويدسه في التراب، ويتقبل الصفعات في الليل والنهار، ولم ينسى الروائي من باع نفسه لريال مقابل الخضوع والانصياع. كان الروائي يتجول بالقراء في أحداث حرب عام ٩٤ التي دار رحهها بين شمال اليمن وجنوب اليمن. حيث كانت بداية الرواية من وادي عقرون، وهو أحد الأودية القريبة من وادي دوعن. كانت البداية من ذلك الوادي البعيد عن صورايخ ودبابات الحرب؛ القريب من أحداث الحرب بجلسات سياسية ساخنة كان يقوم بها سكان ذلك الوادي تصل إلى حد العراك بين مؤيد ومعارض، ولا تخلو تلك الجلسات من التحليلات السياسية المشوقة. وكان يتصدر قائمة المجلس بدون منازع شخصيتان الأول يدعى كاسترو والآخر يدعى الكبش. جعل الروائي هذا الشخصيتان نموذج على انقسام الشعب في تلك الحقبة، فهم لا يجتمعان على رأي ولا يتصافحان إذا التقيا، وكأنهم الموجب والسالب في حالتهم التنافرية. لم تكن تلك الشخصيتان إلا مجازًا لحقيقة ما كان يحدث في الشعب في تلك الحقبة الزمنية، والتي ما زالت بداية الحرب، والتي لم يُكشف الستار عن المنتصر بعد. حيث ظل سكان الوادي يجتمعون ليلًا على شاشة تلفاز واحدة وللحظات قصيرة بسبب انقطاع التيار الكهربائي بشكل طويل، كانوا يشاهدون كل مستجدات الأوضاع السياسية ويقومون بتحليلها بين مدافع عن جيش الشرعية ومن يمنّي النفس بانتصار قوات جنوب اليمن. بعدها يأخذنا الروائي إلى إعلان إنتصار جيش الشرعية، وما هي الأحداث التي شهدتها البلاد بعد الإنتصار، وفي تلك الفترة يذكر الروائي أن هناك عادات دخيلة إلى أرض المنهزمين من السرقة والغش والرشوة واختطاف البنات، يوثق الكاتب تلك الأحداث بقصص من نسج الواقع، يوثق تلك الحقبة السوداء التي جعلت فيها الحرب كل شيء مباح. وما أن يظن القارئ أن الحرب قد وضعت أوزارها حتى يخبرنا الروائي بظهور مقاومة ضد الجيش المسمى بالشرعية. ويخبرنا الروائي عن أولئك الذين يدافعون عن جيش الشرعية فقد كان دفاعهم طمعًا في المناصب والمسؤولية وشخصية الكبش نموذجًا لذلك. وفي تلك الفترة بعد إنتصار جيش الشرعية والسيطرة على جنوب اليمن ذكر الروائي وفود الحرافيش إلى جنوب اليمن أو الأخدام كما يسمونهم في شمال اليمن، هذا الفئة مستنقع الرذيلة وأداة لفسد الشباب، وهذا الفئة مجردة من الأخلاق والدين الحنيف. ويقول الروائي عن تلك الفترة “تدهور الوضع في البلاد أكثر من السابق. القتل والسرقة أصبحت هي الأخبار السائدة، لم تحكم حكومة الشرعية قبضتها على البلاد، ولا يبدو في هذه البلاد بطولها وعرضها دستور يحفظ حقوق المواطنين. وكأن الحكومة لها مصالح من هذه الفوضى.” وأصبح المواطنين من أبناء البلد المهزومة مجردين من الوظائف. الوظيفة الوحيدة التي لم ينافسهم عليها أحد هي الغنى والرقص الشعبي، وزراعة الحقول. أصبح الغنى هو الصوت الذي يتنفس بها أصحاب الأرض. بعد أن حاول بطل الرواية الذي يحمل إسم عقرون السفر إلى السعودية من وطنه بعد أن شعر بالغربة والذل، لكن ذلك لم يتم وعاد إلى بلدة وادي عقرون ليرمم ما أفسدته الحرب بالعمل في الزراعة.