د. ماجد حامد هوبي
يقول المثل القديم الحاضر “مصيبة أن تدرس بلا تفكير ، ومصيبة اكبر أن تعمل بلاتخطيط ” باختصار شديد هو هذا حال العراق اليوم مع الاسف الشديد حيث يعتبرالعراق من البلدان القليلة الخالية من مراكز التخطيط والدراسات الاستراتيجية تكونتابعة لعمل الحكومة…..تكون مساندة له تبدي المشورة والحكمة للخروج بعمل مبرمجواضح في كل المجالات وعلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية حتى…
وهنا المثال حاضر من دول العالم كافة فلقد رأينا وجوه كثيرة تعاقبت على سدة الحكم فياميركا ولم نرى من يعارض او يحود عن السياسة الامريكية تجاه إسرائيل مثلا او اتجاهالشرق الأوسط او اتجاه أسلحة الدمار الشامل وامتلاك أي دولة لها وكذلك سياسة اغلبالدول من الهند شرقا الى دول الاتحاد الأوربي كلها ومن يتابع سياساتها وتخطيطهايجدها واضحة وقوية وسائرة على خطى ثابتة ……..إلا نحن……
نحن الذين لا نعرف ماذا نريد من حكام سلطة الى سياسيين متقفزين بين احزاب ذاتاليمين وذات الشمال الى شعب تائه بعواصف الاحداث. ولكن معرفة الشعوب لما تريدممكن توجيهه بقيادة صالحة توضح للشعب ما هي اهداف البلد وسياسته المستقبليةوما الغاية منها وهذا ما يسمى بنشر الوعي العام او بتعبير عام المصلحة العليا للبلد. في العراق تختفي هذه الرؤى والسبب واضح وبسيط هو ضيق مدى الرؤيا.
في العراق لا يوجد معنى حقيقي للتخطيط ولم نسمع عن خطة خمسية او عشرية اوحتى سنوية فالكهرباء تعمل …. والصناعة تعمل …. والخارجية تعمل……والاسكانيعمل…. والكل يعمل كلا على شاكله دون تخطيط وتنسيق واذكر هنا مشكلة حدثت عندماتوقفت احدى محطات التوليد الكهرباء المعتمدة على المنتجات النفطية في منطقة الفراتالأوسط وكان السبب بعدم تزويد المحطة بالوقود من قبل وزارة النفط وكان التبرير انوزارة النفط لم تستشار عندما تم بناء المحطة. …. والقارئ هنا سوف يتذكر الكثير منالمشاكل من قبيل هذه المشكلة من مد القابلوات والتبليط .. الى تسويق المنتجات وفتحالاستيراد. ترى اين التخطيط …. ؟؟؟
اعرف جيدا ان اغلب دول الاتحاد الأوربي مخطط لكل سنتيمتر ماذا سيكون الان او بعد200 عام هنا موقف للسيارات وهنا منطقة صناعية وهنا مستشفى للتوسع السكاني…هنا مدرسة هنا سكن …. ولو بنيت في أي بقعة من مناطق السكن ستجد هنالك مغذيتستطيع الربط منه للكهرباء والماء والغاز….
نحتاج في الدولة العراقية الى تخطيط السليم الشامل الى كل أنواع التخطيط من:
تخطيط سياسي (داخليا وخارجيا).
تخطيط اقتصادي (صناعيا وزراعيا وتجاريا وسياحياً).
تخطيط عسكري.
تخطيط التنمية البشرية.
فالتخطيط السياسي هو بناء سياسة واضحة ومعلومة للشعب وقد تخالف رأي الشعبأو أحد مكوناته ولكن في الاعم هي لمصلحة كيان الدولة ووجودها وخير مثال هنا عندماقام كمال اتاتورك ببناء تركيا الحديثة من غبار الإمبراطورية العثمانية …لكون اتاتورك … ايقن بان المستقبل موجود مع التقدم الحضاري وليس مع خرافات التاريخ وامجادالماضي وها نحن نرى كيف يمجد كمال اتاتورك في تركيا وهو الاب الروحي لكل تركيبعد ان كان الشيطان المتجسد في بشر…. فالتخطيط السياسي العراقي لا معالم واضحةولا يمكن لاي شخص ان يحدد ملامح السياسة في العراق هل هي سياسة نابعة منالحكم الاسلامي ام المدني ام الرأسمالي ام حتى اشتراكي.
اما في الجانب الاقتصادي فالفضيحة أكبر فلا يوجد في العراق مدن صناعية ولا يوجدمناطق صناعية فكل مناطق العراق صناعية زراعية تجارية سياحية متداخلة التوجه وأيمحافظة وحتى العاصمة تخلو من مناطق صناعية تكون مربوطة بخطوط السككالحديدية والطرق لاستقبال المواد الأولية والتسويق الى المحافظات الأخرى دون الدخولفي ازدحامات المدن الداخلية او مسببة لتلك الازدحامات وفي اغلب الدول تكون خارجالمدن.
لم نشاهد خطة واضحة لوزارة النقل والمواصلات او لوزارة التخطيط لمثل هذه الرؤىالبعيدة…. وانما نجد العكس منطقة الشورجة التجارية هي نفسها منذ اربعينات القرنالماضي موجودة في قلب العاصمة بالرغم من كون عدد نفوس العاصمة بلغ الثمانملايين ….ماهي الرؤى ما بعد النفط واقتصاديات المعتمدة على النفط لا نعلم …سوى انالعراق في مهب الريح لو نفذ منه النفط..او ان الدول استغنت عن النفط بالطاقة النظيفة..ماهي سياسة العراق التجارية او السياحية؟ …ماهي سياسته الزراعية؟ ما هيسياسته المائية مع دول الجوار هل بنى قوى ضغط على تلك الدول لكي يكون مستعدللضغط والضغط المتبادل؟ أسئلة كثيرة وكثيرة لا نعلم اين يسير العراق.
اما التخطيط العسكري فحدث وانطلق….فالجيش موجود في المدن ….والمدن مسيجةبالأسلاك والجدران تذكرنا بجدران برلين …وبناء القوى العسكرية مشكوك بها وما حدثبين الجيش العراقي والبيشمركة في كركوك دليل على كون ان في العراق اكثر من جيش. ناهيك على الاستعراضات الداخلية خارج اطر الدولة بين فترة واخرى … ولا ننسىالتسلح المنفرد والتسلح العشائري وتسلح الاحزاب او المليشيات. ولم نرى أي رد للجيشالعراقي او البيشمركة على التعديات التركية او السورية او الإيرانية او الكويتية علىاجوائنا ومياهنا واراضينا ……..
اما في التنمية البشرية ….فالبطالة الموجودة في العراق بأعلى نسب في العالم ..بينالشباب المتخرج والغير متخرج ولا يوجد في العراق ما يشير الى قرب زوال مشكلةالبطالة فالترهل الحكومي في العراق واضح والإنتاجية في العراق قد تقترب من الصفراذا ما ازيل عامل الإنتاج النفطي ونرى وزارة التعليم العالي تزيد من فتح الكلياتوالجامعات الاهلية والحكومية وترمي بالشباب المتخرج الى الشارع ليصبحوا قنابلموقوتة قابلة الى الانفجار في أي لحظة ….دون ان ترى مدى حاجة السوق الى الخبراتوالصنوف المطلوبة او الاختصاصات ونتيجة لهذه الرؤيا نرى عزوف الأهالي عن زجأبنائها في التعليم لأسباب منها الفقر وقلة مجال وفرص العمل.
كلها أسباب ……وكلها مشاكل ناتجة عن سوء تخطيط …وهي موجودة في اغلب دولالعالم وتحل…. لكن في العراق المبتلى …. فيه مشكلتان …”المشكلة ……وصاحب الحل“