ما وراء العقوبات الأمريكية على العراق

كتب المحرر السياسي للمستقل

مما لا شك فيه ان تماهي بعض الكيانات السياسية ، او الاقتصادية التي يملكها سياسيون مع الدولة، يجعل هناك معادلة شائكة ، يصعب فك رموزها ، فهي اشبه بالطلاسم ، فهناك كتل سياسية  لديها اذرع اقتصادية ، متداخلة مع الدولة ، لذا العقوبات التي طالتها، تضع الدولة بمؤسساتها في موضع حرج ، لكن ما يجب ان يقال ان الولايات  المتحدة تفرض العقوبات دون الرجوع إلى الحكومة العراقية ، ودون سماع رأيها ، و تغلق باب الحوار معها، فهي تحرجها امام الجهات المعاقبة .

وباعتقادي كان الأجدر بواشنطن ان تُشعر الحكومة العراقية ، او تخطرها على اقل تقدير بان هناك جهات  ستفرض عليها العقوبات ، وينبغي ان تعالجوها قبل ان تفرض العقوبات، لكن ما يحدث هو فعل احادي الجانب .

والملاحظ ان القايم المشترك بين كل الجهات المعاقبة سواء الان او سابقا، هو القرب من ايران وتهريب الاموال وتهديد استقرار العراق .

والاسئلة التي يجب ان نطرحها في هذا الحديث هي :

من يهدد استقرار العراق وما جهة ونوع التهديد ؟ ، وكيف يتهدد استقرّار العراق، عبر تهريب الاموال ، فالأموال ليست اسلحة ؟

الأمر الاخر هناك جهات عديدة تهرب الأموال إلى ايران وليست فقط. الجهات الموالية لطهران ، فهناك جهات كردية تهرب الملايين ، وهذا ما تقوله التقارير الأمريكية وبشكل واضح .

ثم لنعود إلى العقوبات التي فرضت هذه المرة على  شركة ” المهندس ” وهي احدى التشكيلات. الحكومية ، ممًلة من قبل الحكومة، كيف يمكن  يتسق عملها في قادم الايام ، وكيف تمول او تستمر  وهي معاقبة ، ماذا ستفعل الحكومة بذلك ، أليست هذه مشكلة تهدد الحكومة واستقرارها؟

  ناهيك عن  انتقائية العقوبات كما اسلفنا .

فالعراق ليس البلد الوحيد الذي يتعامل مع ايران ، فهناك تبادلات تجارية بمليارات الدولارات مع قطر والإمارات والسعودية وتركيا والصين  وروسيا ، فلماذا يستهدف العراق فقط؟

هل التعامل مع إيران محرم على العراق فقط وحلال على دول اخرى ؟

ثمة من يقول ان. المشكلة بالفصائل العراقية الموالية لايران ، وربما سنركن لهذا القول ، ولكن  أليس من الأجدر ان تحل المشكلات عبر الحوار ، وبالطرق الرسمية .

ان من يهدد استقرار العراق هو فرض هذه العقوبات دون فتح باب الحوار.

العقوبات الأمريكية التي طالت وستطال مؤسسات الدولة يجعل العراق على صفيح ساخن ، ويتكون مدخلاً لزعزعة السلم الأهلي ، وتجعل فجوة بين الدولة وهذه الفضائل وبالتالي ، نرجع للمربع الاول .

العراق مستعد ان  يبدي مرونة في هذا الجانب ، ويفتح باب الحوار مع الولايات المتحدة ، ويمكن ان تحل المشكلة دون المرور بهذا المأزق .

ان ما وراء العقوبات ليس معاقبة ايران ، بل إضعاف العراق ، وإنهاك اقتصاده بسوط الدولار والتحكم بوارداته المالية.

وهذا واضحاً من خلال تصريحات الأمريكية وبالتحديد لعضو الكونغرس ” ولسن ” الذي طالب. بفرض عقوبات على مصرف الرافدين وهو مصرف حكومي رسمي  ، بحجة التعامل مع ايران .

خطورة هذه الخطوة هي العقوبات على المؤسسات الرسمية وجعلها مشلولة.

و ايضاً هذه الخطوة ستمنح خصوم امريكا في العراق ورقة رابحة للقول ان امريكا لا تقيم وزناً للحكومة العراقية ، وهي تريد ان تدق اسفين بين الجهات المعاقبة وبين الحكومة .

  فالعقوبات هذه المرة ليست على اشخاص وانما مؤسسات  وموظفين وعوائل مرتبطة بهذه المؤسسات.

ان ما وراء العقوبات ، ليس كما نعلم ولكن ماخفي كان أعظم .


مشاركة المقال :