جاسم مراد
لم تشهد الساحة العربية ، حالة الضعف مثلما تشهد الان ، ولم تهان عواصم عربية في التاريخ الحديث مثلما تهان الان وتمرغ ، ولم يقتل شعباً عربياً بالجملة ، وتهان وتسبى النساء مثلما يجري الان ، ولم تذبح الطفولة العربية ويغتصب الرجال في السجون مثلما يحدث الان ، ولم يحدث أن يتباها العرب بغاصبهم وقاتلهم ومهينهم ومذل عواصمهم ، وهم يتنافسون على إقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية والتجارية معه ، كأن شيئاً لم يكن ، عقدت قمم ، وجرت مشاورات ثنائية وثلاثية والآن جماعية في الدوحة وقبلها في بغداد ، والمخارج ذات النوطة ، شجب واستنكار ، واخرها ارحمونا لا تقسوا علينا ، السنا حلفاء ، اليس هذا هو الضعف بعينه الذي يخلص المؤمنين من شر القتال .
الان في الرابع عشر والخامس عشر من شهر أيلول ، اجتمع العرب والمسلمون في الدوحة عاصمة الدولة القطرية ، وهناك ثلاث قضايا أساسية إذا لم يتخذ فيها قراراً ، كأنهم لم يفعلوا شيئاً سوى اعلان التضامن مع الدوحة عاصمة قطر ، وهذه القرارات ، هي اولاً وقف المجازر الإسرائيلية لشعب غزة وسحب السفراء العرب ووقف التعاون بكافة اشكاله ، ثانياً تفعيل التعاون العسكري العربي ، ثالثاً تفعيل المقاطعة الاقتصادية العربية ليس مع إسرائيل وحدها وإنما مع الشركات التي تتعامل مع إسرائيل ، والقضية الرابعة دعم ومساندة النضال الفلسطيني ، والتأكيد على حل الدولتين على وفق القرارات الدولية والاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في منظمة الأمم المتحدة ، وهذا هو المعيار للعلاقات العربية الإسلامية الدولية ، هذه هي الخطوط التي يجب أن يتعامل وفقها العرب والمسلمين في قمتهم .
بسبب السكوت العربي الرسمي عن مجازر إسرائيل في غزة ، التي راح نتيجتها ( 57) الف انسان معظمهم أطفال ونساء ، واصابة اكثر من (147) الفاً وغياب الالاف تحت الأنقاض ، واستشهاد المئات جوعاً ، بسبب هذا الصمت ، جعلت إسرائيل العواصم والأرض العربية مسرحاً لها ، فهي تقصف بيروت وجنوبه وتحتل الأرض ، وتقصف دمشق وتحتل الأراضي بمساحات تجاوزت مساحة غزة ، وتقصف العاصمة اليمنية وتقتل رئيس وزراءها وتضرب طهران وتقتل العديد من قياداتها ، والان تضرب العاصمة القطرية الدوحة وتقتل ، ثم اعلن نتن ياهو بأن كل العواصم مباحة للهجمات الإسرائيلية طالما وفد حماس فيها ، وهذا يعني انقرة والقاهرة مستهدفة هي الأخرى ، إن هذا التوغل والصلف الإسرائيلي ما كان ليحدث للعواصم العربية لو اتخذ العرب موقفاً قومياً وانسانياً واخلاقياً مع غزة .
إسرائيل كيان عنصري همجي بربري ، لو كانت غير ذلك ، لما تستمتع بقتل الأطفال وتجويعهم وتقتل اكثر من ( 248) صحفياً فلسطينياً في غزة وحدها خلال السنتين من حرب الإبادة ، وهي ماضية بتنفيذ مخطط الاستيطان في الضفة الغربية وتقسيمها بين الشرق والغرب ، ووزير المال الإسرائيلي بتريفيتش اعلن بشكل واضح بأن الضفة الغربية هي ارض إسرائيلية ويجب طرد الفلسطينيين الى الأردن من يهودا والسامرة .
إن المنظومة الدولية في حالة مخاض بين صاعد ونازل ،وان هناك دول وازنة في هذا العالم تتشكل على شكل تكتلات ، منها تكتلي بريكس وشنغهاي ، وفيهما الصين الشعبية العظيمة التي هي كل العالم وكل العالم في الصين وروسيا الاتحادية الأكبر مساحة في العالم وهي التي تختزن اهم الموارد والهند الكبيرة الصاعدة بقوة الى الكونية والبرازيل وايران والسعودية ومصر والعديد من دول العالم ، انه عالم صاعد حتماً يحتاج فقط لبعض الوقت مع تنظيم وتفعيل المشتركات المالية وغيرها مع الاشتراطات الضرورية ، وهي متحققة لا محال .
ماينقص العرب الان وليس غداً الكثير من الجرأة وبعض مستلزمات التضامن الوحدوي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وهم يشكلون منظومة وازنة في الخارطة العالمية ، بعد ذلك لاتستطيع إسرائيل وأي دولة أخرى اجبارهم على مالا يريدون فعله ، بل العكس سيستمع اليهم العالم ويحترم حقوقهم ، أما إسرائيل فقد أصبحت منبوذة لدى العديد من شعوب الغرب والعالم ، وهي تتدحرج أخلاقيا وانسانيا وحتى حضورياً بسبب مجازرها ضد شعب وأطفال غزة ، وهنا مسؤولية العرب في تعميق الشرخ بين إسرائيل وشعوب ودول أوروبا ..
