ناجي سلطان الزهيري
قانون العفو العام الأخير الذي شرّعه البرلمان العراقي لم يكن الأول من نوعه وأظن أنّه لن يكون الأخيرفي حال بقيت القوى السياسية نفسها التي تحكم العراق ، في العفو السابق الذي خرج بموجبه آلافالإرهابيين القتلة والذي شرّع لهم مخصوصًا ، قال السيد حسن السنيد الذي كان وقتها رئيسًا للجنةالأمن والدفاع في البرلمان من خلال برنامج تلفزيوني مباشر ، قال :« كان هناك خطأٌ لم ننتبه له، أُخرجبموجبه آلاف الإرهابيين من السجون » ، توقفوا عند ( لم ننتبه له ) ، كتل سياسية تحكم بلدًا مثل العراقوتقرر مصير شعب بأكثر من أربعين مليون نسمة، ليس لديها مستشارون قانونيون أو خبراء ، وإلا كيف ( لم ينتبهوا له ) ، أظن أن تصريحه كان تبريرًا لعمل أخطر من الإرهاب نفسه وهروب من المسؤولية ، تكررالأمر هذه الأيام من خلال قانون العفو العام الذي أقرّه البرلمان بصفة سياسية سيئة ، قتلة مع سبقالإصرار والترصد، وارهابيون يعلنون إرهابهم عبر شاشات التلفزيون ، لا يخفون أعمالهم الإرهابيةوالإجرامية ، القضاء اثبت جرائمهم ، اعترفوا بها ، بموجب ذلك حُكموا بأحكام مختلفة منها الإعدام ، لمتُنفذّ ، وكالعادة فإن احكام القضاء وقراراته باتّة ومُلزِمة، بحق الإرهابيين الذين يملؤون السجونويعيشون حياة الرفاهية، وقد سميت بسجون VIP ، فقد طبقت كل قوانين ( حقوق الإنسان ) بحذافيرهاداخل السجون في حين لم يتمتع بها المواطن خارجه ، كيف خرج هؤلاء الإرهابيون المجرمون وقداعترفوا بقتل الناس من أفراد في قوًى أمنيّةً ومواطنين مدنيين ؟ هنا جاء المال السياسي الفاسد ليساهمفي جريمة أخرى ، دفع السياسيون الفاسدون الأموال التي سرقوها لذوي الضحايا ليتنازلوا عن القتلة ،وبذلك يتم شمولهم بالقانون سيّئ الصيت ، سابقة خطيرة ، ورسائل اخطر ، وسنّةٌ سيئة لعن الله منسنّها ومن عمل بها ، هناك من يسرق ، وهناك من يقتل ، وبالأموال المسروقة يُعفى عن القتلةوالإرهابيين ، علاقة وطيدة وعمل مشترك بين هؤلاءِ وهؤلاء ، وهي رسائل للناس ، نسرقكم ونقتلكم ،ومن أموالكم ندفع للعفو عن القتلة ، شراكة خطيرة بين السياسيين والإرهابيين والمجرمين ، صفقاتواتفاقات سياسية تُعقد ليس فيها ماينفع الناس ، جميعها لخدمة من يحكم البلد من أحزاب وكتلوشخصيات ، هذا البرلمان الذي ستنتهي دورته هذه السنة لم يَشْرَعْ بسنّ قوانين مهمة لها مساسمباشر بحياة المواطنين ، وقوانين كثيرة مركونة على الرفوف، كمشروع النفط والغاز مثلاً ، اكثر منثلاثمائة عضو في البرلمان لم يكونوا بأغلبهم فاعلين بل وان العشرات منهم لم يحضروا جلساتالبرلمان ، اغلب القوانين التي شُرِّعت هي سياسية وتقاسمية ، أفشل دورة برلمانية هي هذه الدورة ،ستختتم هذه الدورة البرلمانية اعمالها بعار العفو عن الإرهابيين القتلة والمجرمين ، وأرى جازمًا أن هذاالعفو سيّئ الصيت ستكون له نتائج وخيمة على الصعيد الأمني والاستقرار ، فما عاد القاتل يخشىالإعدام أو السجن ، فهناك مَن يُشرّع وهناك مَن يدفع وهناك من لاحول ولاقوّة له ، وحسبنا الله ونعمالوكيل.
