الحوار الإيراني الأمريكي إلى أين

كتب المحرر السياسي

بعد. الجدل و التهديدات بين  إيران وأمريكا بالحرب و استعدادت للمواجهة ، كانت العاصمة العمانية ” مسقط ” المحطة التي توقف عندها الطرفان ليلقوا ما يحملون لبعضهم البعض .

وكان متوقعاً ان يجلس الإيرانيون والأمريكان ، رغم ان البعض  توقع المواجهة والحرب ، ربما لا يعرفون العقلية الإيرانية ، كما لا يدركون بعد التهديدات الامريكية.  واشار البعض إلى تحرك  القطعات العسكرية الامريكة  هي اشارة لاقتراب الحرب ، لكنهم في الوقت نفسه لم يراجعوا تاريخ حركة الأساطيل وحاملة الطائرات ، وكم من المرات لوحت امريكا بالحرب ولم تقدم عليها.

امريكا تعلم ان الحرب مع ايران ستكون وجودية. وان إيران لن تدخر جهداً للدفاع عن نظامها ، كما ان امريكا تدرك حجم القوة الإيرانية وان قواعدها المنتشرة بالخليج ستكون أهدافاً لايران بالتأكيد، كما لا يمكن إغفال وضع دول الخليج الرافضة للحرب .

فايران التي ارسلت تحذيراتها إلى الدول المجاورة التي تستضيف على أراضيها قواعد أمريكية ، كانت جادة ، لكنها بنفس الوقت مسكت العصا من المنتصف ،فهي تواصلت مع الوسطاء لإجراء  مفاوضات مع واشنطن ، وهددت بالرد على اي هجوم. يستهدفها.

هذه المناورة الذكية من الطرفين ، أوضحت ان السياسة لعبة الأذكياء ، والمفاوضات فن ، لا يتقنه سوى المحترفون.

الرئيس الإيراني يصرح ان لا مفاوضات تحت التهديد ، والرئيس ترامب يعلن من واشنطن ان المفاوضات ستبدأ السبت على اعلى المستويات

هذا الجمع بين لغة التهديد ولغة الحوار تعكس صعوبة طريق المفاوضات النووية، ولا سيما أن امريكا تقول اما الاتفاق او الحرب خيارات أحلاهما مر .

الحرب تعني الدمار وإيقاف عجلة التنمية وخسارة ايران لمنجزاتها النووية وأذرعها الخارجية وتأثيرها الدبلوماسي ، وقطيعة العلاقات مع دول الجوار، التي ربما ستتعرض لرد من قبل  ايران على أراضيها .

لكن العقل الإيراني لن  يسلم بهذه السهولة وهو يحسب الأمور بدقة عالية وتأني حائك السجاد.

وحضور إيران البرغماتية، التي تقدم المصلحة العليا للوطن . لذا كانت  تؤكد طهران  في الضفة المقابلة،تمسكها بصيغة المفاوضات غير المباشرة، حماية لنفسها من ما تصفه بـالإملاءات والضغوط، واضعةشروطها بوضوح وهي احترام متبادل، وجدية أميركية، ونتائج ملموسة تحسن معيشة شعبها.

بدوره، تحدث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن ضرورة الابتعاد عن لغة التهديد، بينما شددتالمتحدثة باسم الحكومة على أنطهران مستعدة لحوار عقلاني لا يدار من موقع الهيمنة“.

من جانب آخر كانت إيران تدير مشاورات مع حلفائها وتستطلع آرائهم بشأن الأزمة,  فهي تريد  بلورة رد  وموقف مناسب  يحفظ علاقاتها مع الحلفاء من جهة ، وتحمي نفسها من جهة ثانية   

فقد قالت موسكو كلمتها بأنها تدعم تسوية شاملة لكنها تشدّد على ضرورة مراعاة توازن القوى النوويةلا مجرد التركيز على إيران.

أما الصين فقد طالبت واشنطن بإظهار صدق النوايا، في إشارة غير مباشرة إلى تقلبات السياسةالأميركية، بينما رحب الاتحاد الأوروبي بالحوار، رابطًا نجاحه بترجمة النوايا إلى أفعال.

وجاءت تلك المواقف تزامنًا مع اجتماع ثلاثي في موسكو بين ممثلي روسيا والصين وإيران لمناقشةالملف النووي الإيراني.

وضمن هذا السياق، تقول باربرا سلافين، المديرة السابقة لمبادرةمستقبل إيرانفي المجلسالأطلسي، وكبيرة الباحثين فيمركز ستيمسونفي واشنطن، إن الموقف الأميركي لم يتغير، إذ يركز علىالمباحثات المباشرة، ولهذا تسعى واشنطن إلى إظهار نوايا حسنة، حسب قولها.

وتضيف سلافين، ، أنإيران قد تستجيب لهذه المحادثات إذا لمست جدية من الجانب الأميركي، معتقديم حوافز إيجابية لها“.

حديث الحلفاء اوضح لايران انهم سيدعمون الحوار مع  واشنطن ، وأنهم من جانب آخر غير مستعدين لزعزعة الاستقرار في  الشرق الأوسط، لذا اشارت الصحافة الإيرانية إلى هذا بشكل رسائل  إعلامية بالقول “  أن إيران لا تريد الحرب لكنها. تريد التعامل بهدوء مع واشنطن.

وهذا يشير إلى  ان ايران تدرك تماماً ان الوضع ليس كما كان قبل عام ونصف اي قبل غزة واستشهاد السيد حسن نصر الله وسقوط بشار الاسد، والمواجهة المباشرة مع اسرائيل

وتضيف  صحيفة كيهان أنإيران تفاوضت مع الأميركيين على مدى عشر سنوات، ثم انسحب ترمب منالاتفاق، ولهذا هناك أزمة ثقة إيرانية تجاه واشنطن“.

وهذا يعني ان إيران  تريد تطمينات من قبل الجهات الراعية او الداعمة للمفاوضات ، وهذا ما حصلت عليه من قبل الروس والصينيون .

واخيراً ادركت ايران ان هناك جهات تدفع نحو الحرب، لذا قبولها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات سيسحب البساط من تحت أقدام كل من يقرع طبول الحرب في إسرائيل والولايات المتحدة، وستقطعالطريق أمام اليمين المتطرف الساعي إلى شنّ حرب ضدها“.

جلوس امريكا وايران على طاولة الحوار وبدأ المفاوضات خطوة مهمة ستحرج امريكا كما ستمكن ايران من المناورة ، سيما وان ما تطلبه واشنطن هو عدم امتلاك ايران للسلاح النووي ، وايران كذلك تقول انها لا تنوي امتلاك هذا السلاح  طبقاً لفتوى المرشد الأعلى ، فهذه النقطة ربما ستقرب وجهات النظر اكثر .

واشنطن هي الاخرى على استعداد لتخفيف العقوبات مقابل تخلي ايران عن رغبتها النووية ، وهو ما تسعى اليه طهران.

   لن تكون المفاوضات سهلة ولكنها ليست في طريق مسدود .


مشاركة المقال :