من تراث الاغنية العراقية  صالح الكويتي

من تراث الاغنية العراقية صالح الكويتي

•بعد افتتاح دارا تضم تراثه الموسيقي ببغداد

صالح الكويتي: كان شغوفاً بالموسيقى منذ صغره، ولازم الموسيقار الكويتي خالد البكر متعلماً العزف والغناء.

غنت من الحانة السيدة أم كلثوم عند زيارتها بغداد في ثلاثينيات القرن الماضي اغنية ” قلبك صخر جلمود

    دبي/ المستقل / ظافر جلود

افتتح في شارع الرشيد بمنطقة بغداد القديمة دار تضم تركة مؤسس الأغنية العراقية الحديثة الملحن الراحل صالح الكويتي وكثيراً من الملامح التراثية الخاصة بالمنطقة العربية تعود لقرن كامل، مثل الآلات الموسيقية وأسطوانات لمقاطع الأغاني التي لحنها في ثلاثينيات القرن الماضي ولا يزال العراقيون يتذكرونها حتى الآن. وهو ما يبعث الأمل في إشاعة ثقافة الموسيقى من جديد في المجتمع العربي عموما والعراقي خاصة. حيث لا يزال الملحن الراحل صالح الكويتي يحتفظ بمكانته في قلوب العراقيين، ولا تزال أغانيه تتردد على ألسنتهم وتحن إليها أسماعهم.

والفنان الراحل صالح بن عزرا بن يعقوب (1908 ـ 1986) ابن لأسرة يهودية من أصل عراقي حيث مسقط رأسه في مدينة الكويت، وذاعت شهرته الموسيقية هناك بمشاركة شقيقه عازف العود الشهير داوود الكويتي. وتشير المصادر إلى أن صالح الكويتي كان شغوفاً بالموسيقى منذ صغره، إذ لازم الموسيقار الكويتي خالد البكر متعلماً العزف والغناء، كما رافق عبد اللطيف الكويتي إلى البصرة لتسجيل أسطوانات موسيقية غنائية.

وبعد عامين في البصرة قرر صالح الانتقال إلى بغداد لتبدأ مرحلة أخرى من مسيرته الإبداعية ملحناً لأغان لا يزال صداها يتردد حتى يومنا هذا، ومنها “قلبك صخر جلمود” و “يانبعة الريحان” و “آه يا سليمة” و “خدري الجاي خدري” وغيرها.

ثم أن تأسيس مدارس ومعاهد ودور موسيقية تحمل اسم الراحل صالح الكويتي كان حلماً راود كثيراً من الموسيقيين حتى تحقق على يد الملحن إيهاب محمد الذي يقول إن “فكرة تأسيس الدار بدأت منذ عام 2013، وبدأنا نعمل عليها ونحضّر لها منذ ما يقارب عامين لكي يكون مكاناً تراثياً وسط العاصمة بغداد، وحتى يسهل الوصول إليه وقع الاختيار على منطقة “جديد حسن باشا” ذات الطابع التراثي والمشهورة بصناعة العود والآلات الموسيقية قرب بيت المطرب الراحل ناظم الغزالي“.

وعن أهداف الدار أنها “تأسست لهدفين، الأول عرفاناً بجهود الفنان الراحل الذي يعد أب الأغنية العراقية، إذ وضع لبناتها خلال عشرينيات القرن الماضي، والثاني أن يكون مركزاً ثقافياً لتدريس الموسيقى وبيع الآلات

الموسيقية بأسعار مناسبة لدفع الجيل الجديد إلى حب النغم والأغاني التراثية، إضافة إلى تعزيز الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية العراقية“.

يقول رئيس الفرقة الوطنية للتراث الموسيقي العراقي المايسترو علاء مجيد إنه كان يسعى إلى افتتاح مدرسة تحمل اسم صالح الكويتي للعود، لكن مشروعه لم ير النور بسبب التحفظ على حقوق الاسم وغيرها، مضيفاً “أؤيد أي مشروع، أو فكرة، أو مدرسة، أو دار موسيقية للتراث العراقي، حتى لو كانت بداياتها متواضعة، فمع مرور الوقت سيكون لها شأن وستقدم لنا أجيالاً مميزة“.

قال المايسترو عبد الرزاق العزاوي في برنامج “الأغاني” الذي أذاعه تلفزيون “الحرة” العراقي عام 2005 : “إن صالح الكويتي يعتبر مؤسس الاغنية العراقية، وعلى الرغم من أنه بدأ في الثلاثينات، إلا أنه يعتبر المؤسس وواضع الأسس والقواعد للأغنية العراقية، والذين جاءوا بعده من الملحنين أخذوا على نهجه ومدرسته في التلحين والصياغات اللحنية والايقاعية، وهو كان أول من أسس الأغنية المأخوذة أساسا من المقام العراقي.

فيما قال الناقد الموسيقي عادل الهاشمي في نفس البرنامج: “يمكن القول إن صالح الكويتي هو من أعظم الملحنين الذين أنجبهم العراق في العصر الحديث، وأنا أشاطر العزاوي فيما يتعلق بأنه منشئ الأغنية العراقية الحديثة.

اما الفنان وخبير المقام العراقي حسين إسماعيل الأعظمي قال في كتابه «المقام العراقي إلى أين» إن الملاحظ في الأغاني التي لحنها صالح الكويتي «تماسك البناء اللحني المستقى روحياً من الخزين التراثي المقامي.. واقتراب اللحن من التصوير المتقن لكلمات الاغنية ومعان»

في يوم 27 نوفمبر 2008 تمت إقامة حفل للاحتفال بذكرى ميلاده المئوي في جامعة لندن في مركز الدراسات الشرقية والأفريقية.

الشاعر عبدالرزاق الربيعي قال عنه“بينما نشهد مرحلة تتراجع فيها الأغنية التي تلامس الوجدان والروح، يأتي افتتاح هذه الدار لتعيد لنا الأمل في الأغنية العراقية الأصيلة من خلال ورشة لصناعة العود وبيعه”، متابعاً “يكفي صالح الكويتي فخراً أن أم كلثوم عند زيارتها بغداد في ثلاثينيات القرن الماضي غنت واحدة من ألحانه ’ قلبك صخر جلمود ‘التي لحنها  للمطربة الراحلة زوجة المطرب الشهير ناظم الغزالي سليمة مراد، وكذلك تلحينه جميع أغاني أول فيلم سينمائي عراقي ’عليا وعصام‘ التي أدتها سليمة مراد بطلة الفيلم، ووضع الموسيقى التصويرية له“.

وفي السياق يرى الكاتب والصحافي زيدان الربيعي أن “افتتاح الدار في ظل الظروف الصعبة التي مرت على البلاد خلال الأعوام الماضية يمثل نقلة نوعية في الاهتمام بالمبدعين العراقيين الراحلين وما تركوه من تراث لم يزل خالداً في الذاكرة الجمعية للمجتمع العراقي“.

وأضاف أن “هذه الدار ستسهم في إمداد الموسيقى العراقية بطاقات واعدة ستأخذ على عاتقها خلال الأعوام المقبلة مهمة صناعة ذائقة جيدة عند الأجيال الجديدة، لأن ترسيخ الموسيقى وفنونها عند الأطفال سيؤدي إلى وجود جيل واع ومثقف يحتاج إليه العراق الآن ومستقبلاً“.

وتابع، “الملحن الراحل صالح وشقيقه داوود الكويتي أسهما في تأسيس القاعدة الصحيحة للغناء العراقي، وكانت لهما بصمات غنائية ولحنية في غاية الجمال والإبداع، والدليل أنها بقيت خالدة ليومنا هذا، وأتوقع أنها ستبقى لعقود وربما قرون مقبلة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على رصانة ما قدماه من فن حقيقي“.

وأردف، “زرت دار صالح الكويتي قبل أكثر من عامين ووجدت فيها أنواعاً مختلفة من آلة العود التي صنعت بشكل أنيق جداً، وكذلك هناك كثير من الصور التي تم وضعها على جدران الدار وهي تشير إلى مراحل مختلفة من حياة الكويتي، وهذا وفاء كبير جداً من قبل القائمين عليها، وكم تمنيت أن تخصص الجهات الحكومية العراقية مكاناً جديداً لهذه الدار يكون ذا مساحة أوسع لاستيعاب المواهب المتقدمة إلى الدراسة“.

توفي داوود الكويتي في إسرائيل عام 1976 ، وتوفي صالح في عام 1986 وبقيت الأغاني والألحان تردد من قبل العراقيين حتى يومنا هذا.

(Visited 33 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *