أدركتُ أنّ أهدافي لا تحتاج إلى أحد لكي تتحقّق
فإدراك وحدتك أعظم بكثير من إدراك اجتماعيّتك
محمد الكلابي
بعد سلسلة من الخيبات ، سلسلة من فراق الأحبّة ، يُصبح الإنسان مهيّأ نفسياً لإكمال طريقه وحيداً دون أن يرفّ له جفن ، ولن تؤخّره الوحدة عن الوصول إلى ما يبتغي ، بل العكس تماماً ، قد تّكون الوحدة فردوسه الشخصيّ . كنتُ فيما مضي أحرص على أن أحيط نفسي بأكبر عددٍ من الأصدقاء ، ربما هذا الأمر أثر لمؤثّر في طفولتي ، لكنّي انتبهتُ إلى أنّ هذه العلاقات الكثيرة تستنزف طاقة هائلة لو وجّهتها بتوجيه آخر لحقّقتُ شيئاً أكثر قيمة من اللهو واللعب . ولما كتبتُ (الأبيض لا وجود له) كنتُ محاطاً بالأصدقاء ، لكنّي كنتُ أكتب بشعور الوحدة كمن فقد كلّ أحبّائه دفعة واحدة . المشكلة أنّي لم أكن مدركاً لقيمة الكنز الذي أمتلكه ، وهو الشعور بالوحدة ، إنّني وحيدٌ حتّى في أكثر الأماكن جماهيرية ، فإدراك وحدتك أعظم بكثير من إدراك اجتماعيّتك ، كيف هذا ؟ الجواب هو : إنّ الإرادة الشخصيّة تكون أقوى في حال الوحدة ، أمّا في حال الجماعة فالإرادة الشخصيّة ندمج من إرادة الجماعة وهذا سيفقدها جزءاً كبيراً من خصوصيّتها وقوّتها ، فهي ستصبح جزءاً من كيان أكبر ، وأيّ جزء يفقده هذا الكيان ستضعف الإرادة العامّة ، بالتالي هذا يؤثر على الإرادة الشخصيّة. بعد سلسلة من التخلّيات أدركتُ أخيراً قيمة الوحدة والإرادة الشخصيّة ، أدركتُ أنّ أهدافي لا تحتاج إلى أحد لكي تتحقّق ، بل تحتاجني وحدي ، وتحتاج إرادتي الشخصيّة ، وتحتاج إلى قوّتي الشخصيّة ، خلاف ما كنتُ أعتقد سابقاً . كنتُ منتبهاً فيما سبق إلى أنّي حينما أفعّل شعور الوحدة أكون منتجاً أكثر ، فالكتابة تتطلّب مني أن أكون وحيداً ، والقراءة أيضاً ، وهذان المجالان هما كلّ حياتي ، كلّ ما أنا فيه الآن نتيجة لجهدي الجادّ في هذين المجالين ، وهذان المجالان لا يتحقّقان إلا بتحقّق وحدتي الشخصية . فكثير من الأحيان أكون قد كتبتُ قصيدةً نثريّةً وأنا جالسٌ وسط مجموعة من الأشخاص ، أو أقرأ كتاباً وأنا في العمل وسط هرج ومرج ، لكن بمجرّد أن أفعّل شعور الوحدة في داخلي ، وأنعزل روحيّاً عن المحيط ، أنتقل إلى تفعيل مرحلة الإرادة الشخصيّة ، وهذا يعني دخولي في خطّ إنتاج مُرضٍ جدّاً بالنسبة لي .
الفردانية و الجمعية وجهان لتفسير الوجود الاجتماعي، فأسبقية أحدهما هي توالية للاخر، وما يضيع من الاول يستفد به الثاني، وما يخسره الاول يربحه الثاني. الا أن الغاء احدهما فهي القضاء على كليهما
موضوع مهم الا ان نتيجته لا يمكن لها ان تنفي الفردي عن الجماعي او العكس فهما وجهان لعملة واحدة في تفسير الوجود الاجتماعي. قد تكون تجربة احدهم في الوحدة ناجحة وعند اخر فاشلة وبالضرورة تكون تجربة احدهم في الجماعة انجح من الفردانية والعكس بالعكس
موضوع شيق ومهم