عبدالمنعم الاعسم
يتفلسف البير كامو في “اسطورة سيزيف” بالاعلان “إن الإنسان هو دائما ضحية حقائقه، فإنه حين يقربها، لا يستطيع أن يحرر نفسه منها” والجمهور ايضا، مثل حالة اي فرد منه، يقبل (في زلة تاريخية) انيكون ضحية على ان يكون حرا، والمشكلة في قضية الضحية كموضوع انساني تتمثل في الجلاد، فلاضحية من غير جلاد، لكن كارين هورني مؤلفة كتاب “صراعاتنا الباطنية” الشهير تذهب الى ان القاتل منالنوع (الذي يقتل للقتل) يظن بان الضحية تابع لغيره، فيقتله او يروضه (يثير فيه الذعر) مثلما يروضالبروفيسور هيجينز شخصية اليزا في رواية “بيجماليون” لبرناردشو، وتضيف “في تلك الحال تبرز قرونالشيطان (التوحش) اذا عبّر الضحية عن اية اشارة الى انه يرغب في الذهاب في سبيل حاله”.
الموجات المتوحشة التي اغارت على البشرية كانت تبيد شعوبا لا تخاصمها، وتتلذذ في ممارسة هذه النزعة. كان المغول، قبل سبعمائة وخمسين سنة، يتفنون في التنكيل بمن يصدف ان يكونوا في طريقهم، وكانالشر–يقول المؤرخ الالماني بيرتولد شبولر– يتطاير من عيونهم واعطافهم وهم يغيرون على السكان الامنينمن غير تحديد: يقتلون ويحرقون ، لكي يجعلوا من ذلك رسالة الى كل من تلقي به الاقدار على طريقهم،وكانت عقيدة المغول بسيطة قدر ما هي وحشية: “اقتل اكبر عدد من البشر ممن تحت متناول يديك لتخيفغيرهم فيستسملون لك” .
وفي النظريات الجنائية يشار الى ان الجريمة من جنس مرتكبيها، وان الاسلوب الذي يستخدم في ارتكابالفعل الجنائي يُستدل به الى عقيدة المجرم وافكاره، ولعل الكثير من محللي اسباب واحوال ودواعي ارتكاباعمال الابادة الانسانية يعرفون ان ابشع الجرائم واكثرها فظاعة ووحشية، ولا يجوز التهاون حيالها، هيالجرائم التي يقدم عليها الفاعل بحق انسان يعرف انه بريء، وليس بينه وبين الضحية خصومة او حتىسوء ظن، وان الاقدار والصدف جمعتهما في مسرح الجريمة، وقد توصف هذه الافعال بالجرائم الانسانية،ويوصف مرتكبوها بالمجرمين المحترفين.
الخطر المحدق، ان ثمة عينات اجرامية بين ايدينا، قد تساعد، اذا ما اخضعت الى معاينة الاخصائيينالنفسانيين، في كبح هذه الموجة المغولية قبل ان تكرس نزعتها الاجرامية في التربة العراقية، الى الابد.
لكن الاكثر خطورة يمكن رصدها في ان الضحايا (لا الجلادين) يبتسمون على الشاشات الملونة
