هناك علاقة قوية وحميمية بين الشعر والرسم،والا ماقال الرسام ليوناردوفنشي
)الرسم شعر يرى ولايسمع،والشعر رسم يسمع ولايرى(. اي بمعنى كما يقول
الناقد حاكم حداد ان العلاقة بين الفن البصري والفن وثيقة جدا.
فالرسام يحاول استنطاق وترجمة افكاره ورؤآه وجعلها متجسدة على اللوحة عبر
الوان فرشاته. في حين يفعل الشاعر عبلا قصائده نفس الفعل. لذلك لانستغرب
ان الكثير من الشعراء يرسمون او يحبون الرسم ومنهم الشاعر مظفر النواب.
فقد نشأ في عائلة مثقفة تحب الشعر والرسم والموسيقى لاسيما امه. وبانت
موهبة النواب بالرسم في الجامعة. فيقال كان ملازما لمرسم الجامعة، الذي يديره
الفنان حافظ الدروبي. وانضم الى الانطباعيين ووقع معهم على بيان التأسيس
عام 1952 مع )ضياء العزاوي وحافظ الدروبي وسعدي الكعبي وغازي السعودي
وياسين شاكر وعلاء حسين بشير(. لكنه ابتعد عنهم واهتم بالفقراء والمسحوقين.
وكان الدروبي معجبا برسوم وطريقة النواب. وقال عنه )اجد عندك قدرة عجيبة
على استخدام الالوان من خال الفرشاة في الرسم(.
ويقول احمد عثمان بكر في عام 1960 عن معرض للانطباعيين )الدروبي هو
الابن البكر لهذا الشعب بدون شك، والنواب شقيقه الاصغر الذي كان الرسم
بالنسبة اليه عالما حلميا لايمكن الابتعاد عنه حتى في اصعب الظروف(.
ويشير حاكم الحداد في كتابه عن مظفر النواب: هذه الرواية يؤكدها الفنان
يوسف العاني في رسالة شخصية له ويضيف )ان العاني اسس مسرحا في
المخيم الكشفي الحكومي الذي جمع المفصولين لاسباب سياسية من وظائفهم
في منطقة السعدية وكان النواب فيه ايضا واسس مرسما(.
وكان يمارس الرسم فيه ويكاد لايفارقه ابدا وياما خرجت منه لوحات جميلة
بريشته. حتى قصائده كأنها لوحات رسمت بالكلمات نتيجة رؤياه الادبية. حتى
اشعاره العامية فيها صورا تشكيلية معبرة لاتجدها عند غيره. او كما يقول الحداد
في كتابه )مظفر النواب الكلمة المنغمة.. حياة وابداع(، )ان ما فعله النواب يدخل
في باب التعبيرية التأثيرية التي سادت الشعر العربي الحديث منذ الستينات(.
ويعطي مثالا على تداخل الرسم والشعر لدى النواب في هذه القصيدة:-
من تجزي والف نمام.. يتحنه..
بترف جدمينك اطير ن فوك.. فوك الفوك..
اكتن على الورد.. مزنة
من اشوفك انذر النجمات.. ترجيةلسوالفنة
ووديلك هوه شكابين…وتردني بطرك ونه..
وقد ترك النواب كثيرا من لوحاته الحالمة اضافة الى قصائده الجميلة لدى
الاصدقاء. وقال الناقد الراحل عادل كامل عن لوحاته:- )الوحدة بين الشعر
والرسم، في تجربة النواب متطابقة مع مفاهيم الحداثة العربية المعاصرة.
فهناك محاولة دائمة لجعل الصدق متوازنا مع التكنيك لانهما يندمجان بخلق
المشهد الفني بعناصره الكونية والذاتية(. وحتى في سجن الحلة حين حل النواب
معتقا كما يذكر صديقه عقيل عبدالكريم حبش في كتابه طريق الحرية.. كانت
لديه غرفة خاصة للرسم وكتابة قصائده.
من مفكرتي الفنية مظفرالنواب… رساماً
(Visited 25 times, 1 visits today)