ماو من دون وجههُ الصيني … نعيم عبد مهلهل

ماو من دون وجههُ الصيني … نعيم عبد مهلهل

 نعيم عبد مهلهل 

ملأ وجه ماو وجوهنا حتى مع انتفاخ خديه ونحافة بعض خدود المعلمين ونحن نبادلبالدور قراءة مجلة الصين اليوم التي تطبع باللغة العربية، وتوزع كثيراً في العراق، وهيتنقل تجربة الصين الزراعية والصناعية في ظل حكم ماوتسي تونغ.

لقد كان أغلب الذين ينتمون إلى اليسار الماركسي من المعلمين أولئك الذين لديهم الانتماءإلى الشيوعية التي تنتمي إليها تجربة الاتحاد السوفيتي، وقليل منهم من يتحدثبحماس ماوي ربما غيظاً من البلطة التي نزلت على رأس ليون تروتيسكي في المكسيك.

وعلى الرغم من هذا فإن الأمر لن يتعدى أثناء النقاش في فرص الاستراحة حين نقلبالمجلة، لن يتعدى وجهات النظر، وربما الكثير قلوبهم في موسكو والقلة قلوبهم في بكين. وعندما سألنا ريكان: وأنت وين قلبك.؟

أجاب: قلبي جنب أبي الحسنين علي (ع) في النجف ومرات يطفر حنيناً إلى كربلاء..

قلت: تحب أن تزور موسكو، بكين؟

قال: إذا هما أبعد من النجف وكربلاء والكاظم ومعصومة فالأمر مستحيل، ويحتاج إلىطيارة، وأنا لم أشاهد في حياتي طيارة، فكيف يتسنى لي أن أركبها. ويقولون: إنها تحتاجلدفتر مثل هذا الذي يسافر فيه معلم الحياتية كل عام إلى بلاد (النسوان العريانة) وأناجنسية أخرجتها (بطلعان) الروح ولولا الوظيفة لم أخرجها، فيا أستاذ: نحن نمد أقدامنابمقدار ما نشتاق إليه. القباب والنوم بهدوء قرب ضريح الإمام.

قلت: ألا تريد أن تتعرف على ماو، وتتعلم من تجربته حتى في مداواة الجواميس وبناءحظائرها.

قال: الكي بالنار يداوي كل علل الجاموس، وزرائبها نعتني بها، وتأكل جيداً، حتى تعطيجيداً.

قال آخر: في روسيا ليس هناك جواميس لكنهم يعلمونك زراعة البطاطا واللهانة والخس.

قال: هذه متوفرة في سوق الجبايش نشتريها متى نشاء، ولكن اسأل الروس هل لديهمخبز الطابك والشبوط.

قال المعلم: لديهم، فعندهم نهر عظيم اسمه الفولكا، أما الرز فالشعوب الباردة لا تحبهكثيراً؛ لأنه غذاء المناطق الحارة.

قال: وماء نهرهم هو مالح.؟

قال المعلم: شربت منه، كان حلواً.

قال: لن يكون سمكهم لذيذاً، فسمك المياه الحلوة (باهت).

ذات يوم أتى إلينا شغاتي بخبر أقلق القرية، عندما أخبرنا أن زورقاً من رجال الشرطةوالأمن جاء يبحث عن أربعة رجال مسلحين، وهل مرّوا بالقرية..

أخفى ريكان رأسه، ولمحت في وجهه تعابير أنه يعرف من الأمر شيئاً.

في الليل زرته بمضيفه، وتمنيت أن يكون معي صريحاً؟.

قال: نعم يا أستاذ هؤلاء أربعة رجال مسلحين، اقتربوا بزورقهم من القرية ذات ظهيرةوطلبوا منا خبزاً، وسكراً وقد أعطيتهم دون أن أسألهم وتكرر الأمر لثلاث مرات، كنت أظنأنهم مستطرقون، وعندما تكرر الأمر سألتهم: أنتم أولادي من أين.؟

قالوا: يا عم وثقنا بك وبطيبتك، نحن ثوار ماويون، مللنا الحكم في بلدنا، وشعرنا أنهااشتراكية زائفة ونؤسس هنا ثورتنا الماوية.

سألتهم: ماوية لأن جميع بنادقكم كلاشنكوف صيني.؟ ضحك أحدهم وقال: لا يا عم نحننؤمن بالتجربة الصينية، البندقية والمنجل..

تركتهم، ومنذ حوالي أسبوع لم يقتربوا من قريتنا

قلت: لن يقتربوا، مادام أتى رجال الأمن يسألون عنهم هنا فلن يقتربوا إلى القرية.

الآن لدينا ماو، ولكن من دون وجهه الصيني

(Visited 12 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *