المرأة والإعلام… بين المحتوى الإعلامي و تسليع الجسد / مريم ماجد

المرأة والإعلام… بين المحتوى الإعلامي و تسليع الجسد / مريم ماجد

تحقيق: مريم ماجد

تستثمر القنوات التلفزيونية في جسد النساء كما تستثمر في أية سلعة أخرى. ولا يقتصرالأمر على التجميل والمنتجات المتعلقة به، بل حتى طريق الوصول الى الغذاء والشرب يمرعبر جسد النساء على شاشات التلفاز حيث تلجأ الشركات الى استغلال الجسد الانثويوربط منتجاتها بإيحاءات جنسية بغية تسويق قنينة مياه معبئة. تركز تلك الوسائل علىالانوثة وتقدمها كسلعة، وتحصر صورة المرأة في إطار الغواية والايحاء الجنسي بغضالنظر عن حجم الاساءة لشخصيتها، والهدف الوحيد هو الحصول على المزيد من الأرباح،واستقطاب الجمهور، وعدد الزيارات والمشاهدة.

 

المرأة والإعلام… بين المحتوى الإعلامي و تسليع الجسد / مريم ماجد

ترى الاعلامية ليندا الحسن ان أسوأ ما حدث في الاعلام هو التركيز على الشكل والجسدأكثر من الخبرة والكفاءة، قائلةهنالك الكثير من الاسماء النسائية اللامعة لم تأخذمكانتها وحقها في الوسط الإعلامي، لأنهن أردن الحفاظ على القيم الإعلامية والمبادئالتي يستندن اليها في عملهن“. ولفتت إلى ان سبب عدم الاهتمام بالطاقات الإعلاميةالنسائيةهو تركيز القنوات الفضائية على عرض الجسد بهدف الحصول على نسبمشاهدة عالية بغض النظر عن المهارة وسبل تقديم المحتوى الإعلامي. وتضيفالمهم انهو حصول نسبة مشاهدة عالية وترندمؤثر، وتبدي ليندا الحسن أسفها قائلةأصبحنا كإعلاميات عراقيات نخجل من نظرة المجتمع ولا نقول نحن نعمل في الوسطالإعلامي بسبب هذه الهيمنة الإعلامية على الإعلام“.

وتقول الاعلامية نور مجيد في سياق ذات الموضوع،نلاحظ في الآونة الاخيرة ظهورالعديد من مقدمات البرامج وبهيئات غير مألوفة على شاشة التلفاز لا يمكنها ان تتحدثبجملة مفيدة واحدة، ولا تمتلك المهارة الكافية، لكن يتم قبولها وتقديمها جسديا في القناةوظهورها على الشاشة“. وتشير إلى ان كل ما يهم القناة الفضائية التي تعمل بها جذبأكبر عدد من المشاهدين بغض النظر عن المضمون او المحتوى المقدم، وتضيف نورالمظهرالخارجي مهم بالتأكيد فالأناقة والشكل المقبول على الشاشة لا أحد ينكر اهميتهما لكنالموضوع تعدى ذلك ليصل الى ملابس غير ملائمة والغنج في التقديم. تالياً، تمارسالقنوات استغلال وتسليع الجسد للوصل الى أكبر عدد من المشاهدين مقابل رضوخوموافقة بعض المقدمات لذلك التسليع كونهن لا يملكن الكفاءة وكل ما يملكنه جسدهن الذيرضين بان يصبح سلعة“.

يمكن القول بأن بروز هذه الظاهرة واستفحالها في اغلب القنوات يمثل خطرا حقيقيا علىالاعلام وعلى الاجيال المقبلة ممن يرغبون بدراسة الاعلام فستشكل هذه الظاهرة حالةاحباط للبعض وستكون قدوة للبعض الاخر يحذون حذو ما يشاهدون كونه أصبح هوالسائد وان القنوات تفضل الشكل لا الكفاءة وهذا بالتأكيد يمثل خطرا على تطور الاعلامالعراقي الذي قد يتراجع للوراء بدلا من التقدم. وتشير ميرا أحمد وهي خريجة كلية الإعلامإلى ضرورة عدم سماح استغلال جسد المرأة في الإعلام لكيلا تكون سلعة او اداة بيدالمؤسسات الإعلامية. وتقول ميرا بهذا الشأن،يجب ان تحافظ المرأة على كيانها الخاصوان تظهر بصورة مهنية ولا تسمح بان يقلل من شأنها، لأنها تعتبر مثل للمرآة المفكرةوالمنتجة وتمتلك الثقافة والمهارات والكفاءات لتقديم محتوى اعلامي جيد يمكن ان يستفادمنه الجمهور العام“.

كما تدعو ميرا القنوات، المؤسسات والشركات الاعلانية إلىاختيار اشخاصها بعنايةوان تقوم بجذب متلقي ايجابي من خلال اعتمادها على اصحاب المهارات والكفاءات وذويالقيم والمبادئ المهنية العالية. ولا بأس باختيار الشكل الجميل بحسب رأيها، انما الشروطالمهنية، فهناك شخصيات اعلامية ذات مستوى عال لم تجد لها مكان مناسب فيالمؤسسات الاعلامية وذلك بسبب اعتمادها الشكل والمظهر والإيحاءات الجنسية أكثر منالكفاءات والمهارات. وتقول في هذا السياق،نرى اليوم اشخاص لا يربطهم شيء بالإعلامسوى بأنهم اصحاب شهرة او قد تمتلك جسم مثير او شكل جميل تقدم المحتوى الاعلاميوذلك بهدف الجذب وتحقيق نسب مشاهدة، لذا يجب اختيار العاملات في الوسطالاعلامي ذوات خبرة ومن خريجي كلية الاعلام او لديهم ثقافة عامة كبيرة ومؤهلات تسمحلهم بان يمثلوا فئة النساء في الاعلام واظهارهن بالصورة الحسنة “.

يُبدي سعد عبد الرزاق، الحاصل على الماجستير في الإعلام، استغرابه من جعل المرأةأسلوبا للجذب والاثارة والاغراء وترويج السلع على حساب المحتوي الإعلامي. ويقولبهذا الخصوص،لقد اصبحت الصورة الذهنية والنمطية التي رسمتها وسائل الاعلامللمرأة لا سيما في الاعلانات عبارة عن سلعة او بضاعة للبيع أو للترويج“. ويشير الى انالصورة النمطية للمرأة في وسائل الاعلام تغير صورة المرأة صانعة الفكر والابداع الىمجرد آلة للعرض والجذب والاثارة، حالها كحال اية سلعة او خدمة يراد ترويجها وبيعها. ويستدعي هذا الحال برأيه تسخير كل الإمكانيات بغية تغيير الصورة النمطية المُزيفةالتي يروج لها واصبحت وللأسف واقعا يحتكم اليها.

بالنسبة للإعلامي أمير على، ستؤثر سياسات تسليع جسد المرأة سلباً على المحتويالإعلامي، ناهيك بأنها تخلق بيئة عمل إعلامية لا تتوافق شروطها مع تلك التيتستوجبها أية سياسة إعلامية. ويتم كل ذلك بحسب رأيه على الكفاءات الإعلامية وأهدافالإعلام ورسالته. ولا يخلو هذا الأمر من اثارة الجدل بسبب تسليع جسد المرأة في الإعلاموالاعلانات التي تسعى لإظهار صورة نمطية ملتصقة بالإثارة.  

بروز هذه الظاهرة واستفحالها في اغلب القنوات يمثل خطرا حقيقيا على الاعلام وعلىالاجيال المقبلة ممن يرغبون بدراسة الاعلام فستشكل هذه الظاهرة حالة احباط للبعضوستكون قدوة للبعض الاخر يحذون حذو ما يشاهدون كونه اصبح هو السائد وانالقنوات تفضل الشكل لا الكفاءة وهذا بالتأكيد يمثل خطرا على تطور الاعلام العراقي الذيقد يتراجع للوراء بدلا من التقدم

تزيين الشاشة

ترى زينب حسين، الحاصلة على الماجستير في اعلام، أنالمرأة جزء مهم من المجتمع، اذ لاتستغني اي شريحة من شرائح المجتمع عنها، فهي الأم والمربية والطالبة والطبيبةوالعاملة في جميع الميادين الأخرى، ولا يقل دورها اتقانا وحرصا نظيرها عن دور الرجلفي تأدية الأعمال. وتقول زينب،ان استخدام صورة المرأة للتزيين في القنوات الفضائية،خاصة في الآونة الاخيرة في الاعلانات التجارية، لا ينسجم مع ما يمكن ان تقدمه المرأة منمحتوى إعلامي رصين لخدمة الرأي العام. أما تبارك علي، بكالوريوس في الآداب، فترىبأن لجوء بعض القنوات الفضائية الى الاستثمار في جسد المرآة لجلب المشاهدين اوالتسويق القيم والمبادئ التي يقوم عليها العمل الإعلامي.

وتؤكد تباركضرورة اظهار المرآة في الاعلام بصورة حسناء لائقة وتوظيف صورتها فيمكانها الصحيح لكي ينظر اليها كانسان وليس كأداة، ناهيك بصيانة حقوقها والتخلصمن مضمون الاعلانات التي تسيء لها

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *