الجيش.. الدكتاتورية.. الميليشيات

الجيش.. الدكتاتورية.. الميليشيات

 

وسام رشيد

 

الجيوش الوطنية لاغلب البلدان تكوّن سيادة البلد، وقوته، ومقدار تأثيره في محيط الدولة، وربما في السياسة الدولية، والمشتركات مع العالم والاقاليم المجاورة.
تأسيس جيش العراق كان بسبب حاجة الدولة لمقوّم اساس لتشكيلها، وبناء عوامل نجاحها، وكان من الطبيعي ان يكون اداة بيد السلطة، دوناً عن الدولة، لاسباب تتعلق بنظام الحكم، والطبيعة الاجتماعية والجغرافية والتكوينية لبلاد ما بين النهرين.
فهو القوة الضاربة التي تقضي على التمرد، والخارجين عن القانون، وهو ذاته اداة ضرب الخصوم السياسيين، او المنافسين.
وايضاً هو وسيلة للاستيلاء على مقاليد السلطة، فهو قوة منضبطة بالطاعة، وركيزته الاساسية تنفيذ الاوامر، رغم كميات التثقيف والتوجيه المعنوي حول الولاء للوطن، وحماية الفرد والشعب وممتلكاته، الا ان افراده هم جزء من التركيبة المجتمعية المتناقضة في متبناياتها، العقائدية والدينية والقبلية والقومية وغيرها من افتراضات واقع حال البلاد التي لم تستقر لمدة كافية حتى تتبلور رؤية وسياق لبناء انموذج مشابه لجيوش العالم المتمكن.

هذه القوة تستدعي من يحاول السيطرة على مقاليدها، وضبط ايقاعها ان يخضعها الى موازينه الخاصة، وقانونه المتلائم مع تطلعاته، وطموحاته، واهداف نظامه، ليكون جزاءاً (اسيراً) في تنفيذ برنامجه نحو السلطة، وقيامها، محفوفة بجملة من الشعارات التي تستهوي نفوس العامة، اذ يصفقون تشكراً على نعمة السلطة، ولتذهب الدولة الى جحيم.

التزامات السلطة تفرض على الحاكم اخضاع كافة المؤسسات لقراره، وعلى رأسها الاجهزة الامنية والتشكيلات العسكرية، لضمان استمراه بالحكم.
اما التزامات الدولة فهي عملية تدريب تدريجية وتربوية لاخضاع الجميع تحت سلطة القانون، الذي يمثل الفيصل بين مكونات الشعب، واداراته، واحد اهم شروط تقدمه وازدهاره، وتقوم على ذلك مؤسسات تكتسب عراقتها، وشرعيتها، من سلوكها وادائها في مختلف المحافل والازمات، لتشيع جانب كبير من مساحة عمل تصلح للابداع، وتكوين الدولة التي تضمن مستقبل ابنائها.

عملت مراكز القوى الناشئة في العراق، والمولودة من رحم الفساد، وتراكمات الماضي الأسوء في المنطقة، على انشاء تكتلات عسكرية، تشكلت نتيجة ظروف خاصة مر بها العراق، من بينها الارهاب وقوى الضلال والقـ..تل “داعـ..ش” اذ ابلو بلاء حسناً في تحرير المدن المختصبة.
وبعد انتهاء المعارك ترسخ حضور هذه التشكيلات في المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد، ليشكل تجمعات سياسية مدعومة بقوى عسكرية يرتبط بعضها بالدولة ويكون موازياً للمؤسسة العسكرية الرسمية، وينفرد بعضها الاخر في قراره السياسي والعسكري.

ثلاثية الجيش ونظام السلطة والقوى المرادفة للجيش بحاجة الى جدل صريح يرسخ مفهوم الدولة، على حساب كل المسميات الاخرى ان توفرت فرصة حقيقية في مستقبل العملية السياسية، واهم مرحلة في تأريخها، مراجعة تضع حداً فاصلاً بين الدولة واللا دولة.

(Visited 10 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *